ولعلَّ قصْدَ
الدَّكْتور مِن ذلك هو الرَّدُّ على الذين يتمسَّكون بمذْهب السَّلَف في هذا
الزَّمان، ويُخالفون المُبْتَدعةَ والخُرَّافيِّين.
التعقيب الثاني: قولُه في (ص: 5): «هذا
الكتاب لا يتضمَّن أَيَّ مناقشة ٍلآراءِ السَّلَفيَّة وأَفْكارِهم التي يُعْرَفون
بها؛ كما لا يتضمَّن تصْوِيبًا ولا تَخْطِئَةً لها».
ومعنى هذا: أَنَّ الآراءَ
السَّلَفيَّةَ قابلةٌ للمناقشة والتَّخْطِئَةِ!! وهذا فيه إِجْمالٌ؛ لأَنَّ
السَّلَفيَّة بمعناها الصَّحيحِ المعروفِ لا تُخالِف الكتابَ والسُّنَّةَ، فلا
تقْبَل المناقشةَ والتَّخْطِئَةَ، وأَمَّا السَّلَفيَّةَ المُدَّعاةَ؛ فهي محلُّ
الَّنظَر، وهو لم يُحدِّد المراد بالسَّلَفيَّة، فكان كلامه مُوهِمًا عامًا يتناول
السَّلَفيَّةَ الصَّحيحةَ والسَّلَفيَّةَ المُدَّعاةَ.
التَّعْقيبُ
الثَّالِثُ: في (ص: 12) المَقْطعِ الأَوَّلِ يُعلِّل فيه أَنَّ وجوب اتِّباع السَّلَف
بكونهم أَفْهَمَ للنُّصوص؛ لسلامة لُغَتِهم، ولمُخالَطتِهم لرَسُولِ الله صلى الله
عليه وسلم.
وهذا فيه نقْصٌ
كبيرٌ؛ لأَنَّه أَهْمَل قضيَّةَ تَلَقِّيهم عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم
وتعلُّمِهم منه، وسُؤَالِهم إِيَّاه، ومُشاهَدَتِهم للَّتنزيل على رَسُولِ الله
صلى الله عليه وسلم، وتَلَقِّيهم التَّأْوِيل عنه صلى الله عليه وسلم، وهذه مرتبةٌ
من العلْم لم يبلغها غيرُهم، وقد أَهْمَل ذِكْرَها وتَنَاسَاها تمامًا.
كما أَنَّه في آخِر
هذه الصَّفْحةِ يُقرِّر أَنَّ اتِّباع السَّلَف لا يعني أَخْذَ أَقْوالِهم
والاسْتدلالِ بمَوَاقِفِهم من الوقائع، وإِنَّما يعني الرُّجُوعَ إِلَى القواعد
التي كانوا يحْتكِمون إِلَيها.
ومعنى هذا الكلامِ: أَنَّ أَقْوال
السَّلَف وأَفْعالَهم ليستْ حُجَّةً، وإِنَّما الحُجَّة هي القواعد التي كانوا
يسيرون عليها!!.