×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

وهذا الكلام يُثير الدَّهْشةَ والاسْتِغْرابَ، كيف يكون التَّمَذْهُبُ بالسَّلَفيَّةِ بِدْعةٌ، والبِدْعةُ ضلالةٌ؟! وكيف يكون بِدْعة وهو اتِّباعٌ لمذهب السَّلَف واتِّباعُ مذهبهم واجبٌ بالكتاب والسُّنَّةِ، وحقٌّ وهدًى؟!

قال تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ [التوبة: 100] الآية.

وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ...» ([1])الحديث.

فالتَّمَذْهُبُ بِمذهب السَّلَف سُنَّةٌ وليس بِدْعةً، وإِنَّما البِدْعة التَّمذهُبُ بغيرِ مذهبِهم.

وإِذَا كان قصْده أَنَّ التَّسَمِّيَ بِهذا الاسْم حادثٌ؛ كما يظهر من كلامه، ولم يكن معروفًا مِن قبلُ؛ فهو بِدْعةٌ بِهذا الاعتبار، فمسأَلَة الأَسْماءِ أَمْرُها سهلٌ، والخطأُ فيها لا يصل إِلَى حدِّ البِدْعة.

وإِنْ كان قصْده أَنَّ في الذين تَسمَّوا بِهذا الاسْم مَن صدرت ْعنهم أَخْطاءٌ تُخالِف مذهبَ السَّلَف؛ فعليه أَنْ يُبيِّن هذا دون أَنْ يَتَنَاوَلَ السَّلَفيَّةَ نفْسَها.

فالتَّسمِّي بالسَّلَفيَّة إِذَا كان يعني التَّمسُّك بمذهب السَّلَف ونبْذِ البِدَع والخُرَافاتِ؛ فهذا شيءٌ محمودٌ وطيِّبٌ؛ كما قرَّر هذا هو في (ص: 233)، حيث قال عن حركة جَمَالِ الدِّينِ الأَفْغانِيِّ ومُحَمَّدِ عَبْدُه وتَسْمِيَتِها السَّلَفيَّةَ: «فقد كان الشِّعارُ الذي رَفَعَه أَقْطابُ هذه الحركةِ الإِصْلاحيَّةِ هو السَّلَفيَّةُ، وكان يعني الدَّعْوةَ إِلَى نبْذ كلِّ هذه الرَّواسبِ التي عكَّرتْ على الإِسْلام طُهْرَه وصفاءَه».


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).