إِلَى أَنْ قال: «وإِنَّه يلاحظ
أَنَّ علماء الوهَّابيِّين يفرضون في آرائِهم الصَّوابَ الذي لا يقبل الخَطَأَ،
وفي آراءِ غيرِهم الخَطَأَ الذي لا يقبل التَّصْويبَ، بل إِنَّهم يعتبرون ما عليه
غيرُهم مِن إِقَامة الأَضْرحة والطَّوافِ حوْلَها قريبًا مِن الوَثَنيَّة».
انتهى ما قاله في
حقِّ مَن سمَّاهم الوهَّابيَّة، ويظهر أَنَّه قد امْتَلَأَ صدْرُه غِلًّا وحِقْدًا
وغَيْظًا عليهم، فتنفَّس الصَّعداءَ بإِفْراغ بعض ما عنده، واللهُ سُبْحانه عند
لسان كلِّ قائِلٍ وقلْبِه؛ ﴿مَّا يَلۡفِظُ مِن قَوۡلٍ إِلَّا لَدَيۡهِ رَقِيبٌ عَتِيدٞ﴾ [ق: 18].
وجوابنا عن ذلك من
وجوهٍٍٍ:
الوجْهِ الأَوَّلِ: قوله: «إِنَّهم في
الحقيقة لم يزيدوا بالنِّسْبة للعقائد شيئًا عمَّا جَاءَ به ابنُ تَيْمِيَّةَ»؛ معناه:
أَنَّ ابنَ تَيْمِيَّةَ في نظره جَاءَ بعقائِدَ ابْتَدَعَها مِن عنده، وأَنَّ
الوهَّابيَّة عدُّوه مُشرِّعًا.
وقد سبق الجواب عن
هذه الفِرْيةِ، وبيَّنَّا أَنَّ شيْخ الإِسْلام ابْنَ تَيْمِيَّةَ لمْ يبتدعْ شيئًا
مِن عنده، بل كان على عقيدة السَّلَفِ الصَّالحِ مِن الصَّحابة والتَّابعين
والقرونِ المُفضَّلةِ، لمْ يستحدثْ شيئًا مِن عنده.
وإِنَّنا نتحدَّى
كلَّ مَن يقول مثْلَ هذه المقالةِ الظَّالمةِ أَنْ يُبْرِزَ لنا مَسْأَلَةً واحدةً
خَالَفَ فيها شَيْخُ الإِسْلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ مَن سَبَقَه مِن سَلَف الأُمَّة.
غاية ما في الأَمْرِ
أَنَّه جدَّد عقيدةَ السَّلَف، ونَشَرَها، أَحْياها بعدما انْدَرَسَتْ ونَسِيَها
الكثيرون.
ونقول أَيْضًا: إِنَّ شيْخَ الإِسْلام مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الوَهَّابِ وغيرَه مِن أَئِمَّةِ الدَّعْوة لم يقتصروا على كتُبِ شيْخ الإِسْلام ابْنِ تَيْمِيَّةَ، بل استفادوا منها ومن غيرها من الكتُبِ السَّليمةِ المُفيدةِ المُتمشِّيةِ على مَنْهج السَّلَف؛ يعرف هذا مَن طَالَعَ كتُبَهم.