وترك الإِجَابة؛
بدليل ما روى سَالِمُ بنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ؛ قال: أَعْرسْتُ في عَهْدِ
أَبِي أَيُّوبَ، فآذَنَ أَبِي النَّاسَ، فَكَانَ أَبُو أَيُّوبَ فِيمَنْ آذَنَ،
وَقَدْ سَتَرُوا بَيْتِي بِخِبَاءٍ أَخْضَرَ، فَأَقْبَلَ أَبُو أَيُّوبَ،
فَاطَّلَعَ، فَرَأَى الْبَيْتَ مُسْتَتِرًا بِخِبَاءٍ أَخْضَرَ، فَقَالَ: يَا
عَبْدَ اللهِ! أَتَسْتُرُونَ الْجُدُرَ؟ قَالَ أَبِي -واسْتَحْيَى-: غَلَبَتْنَا
النِّسَاءُ يَا أَبَا أَيُّوبَ! قَالَ: مَنْ خَشِيْتَ أَنْ يَغْلِبْنَهُ فَلَمْ
أَخْشَ أَنْ يَغْلِبَنْكَ. ثُمَّ قَالَ: لاَ أَطْعَمُ لَكُمْ طَعَامًا، وَلاَ
أَدْخُلُ لَكُمْ بَيْتًا، ثُمَّ خَرَجَ. رواه الأَْثْرَمُ.
ورُوِيَ عن عَبْدِ
اللهِ بنِ يَزِيدِ الخطميِّ: أَنَّه دُعِيَ إِلَى طَعَامٍ، فَرَأَى البَيْتَ
مُنَجِّدًا، فَقَعَدَ خَارِجًا وَبَكَى؛ قِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: إِنَّ
رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً قَدْ رَقَّعَ بُرْدَةً بِقِطْعَةِ
أَدَمٍ، فَقَالَ: «تَطَالَعَتْ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا» ثَلاَثًا، ثُمَّ
قَالَ: «أَنْتُمُ الْيَوْمَ خَيْرٌ أَمْ إِذَا غَدَتْ عَلَيْكُمْ قَصْعَةٌ
وَرَاحَتْ أُخْرَى، وَيَغْدُوا أَحَدُكُمْ فِي حِلَّةٍ وَيَرُوحُ فِي أُخْرَى،
وَتَسْتُرُونَ بُيُوتَكُمْ كَمَا تُسْتَرُ الْكَعَبَةُ؟» قَالَ عَبْدُ اللهِ:
أَفَلاَ أَبْكِي وَقَدْ بَقِيْتُ حَتَّى رَأَيْتُكُمْ تَسْتُرُونَ بُيُوتَكُمْ
كَمَا تُسْتَرُ الْكَعَبَةُ؟
وقد روى الخَلاَّلُ
بإِسْناده عن ابْنِ عَبَّاسٍ وعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عن النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم: أَنَّهُ نَهَى أَنْ تُسْتَرَ الْجُدُرُ.
ورَوَتْ عَائِشَةُ
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْنَا فِيمَا رُزِقْنَا أَنْ
نَسْتُرَ الْجُدُرَ». انتهى.
الوجْهِ الثَّامنِ:
قولُه: «وإِنَّا لَنَجِدُ فوق ذلك منهم مَن يَعُدُّ قولَ «سيِّدنا محمد» بِدْعةٌ
لا تجوز، ويغْلُون في ذلك غُلُوًّا شديدًا».
والجواب عن ذلك أَنْ نقول: هذا كَذِبٌ مِن القول، فعلماء الدَّعْوة يُثْبِتُون ما ثَبَتَ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِن الصِّفاتِ الكريمةِ، ومنها أَنَّهم يعتقدون أَنَّه