والوجْهِ السَّابعِ:
قولُه: «إِنَّهم توسَّعوا في معنى البِدْعة توسُّعًا غريبًا، حتَّى إِنَّهم
ليزعمون أَنَّ وضْعَ ستائِر على الرَّوضةِ الشَّريفةِ أَمْرٌ بِدْعيٌّ، ولذلك
مَنَعُوا تجْديدَ السَّتائِر عليها».
والجواب عن ذلك أَنْ
نقول:
أَوَّلاً: هو لا يدري ما هي
الرَّوضةُ الشَّريفةُ، فيظنُّ أَنَّها الحُجْرةُ النَّبويَّةُ، وليس الأَمْرُ
كذلك:
فالرَّوضة في
المسجد، وهي ما بيْن مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وبيْتِه؛ لقوله صلى
الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ
الْجَنَّةِ» ([1]).
والحُجْرةُ
النَّبويَّةُ خارجُ الرَّوضة، وكانتْ خارجِ المسجد قبْل التَّوسعة التي أَجْرَاهَا
الوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ المَلِك.
ثانيًا: الرَّوضة لا يُمْكن
وضْع ستائِر عليها، ولا يُتصوَّر، وإِنَّما يَقصُدُ الحُجْرةُ النَّبويَّةُ؛ يُريد
أَنْ تُجعَلَ مثْلَ الأَضْرحة القبوريَّةِ، فتُجْعَلُ عليها السُّتورُ كما على
الأَضْرحة، وهذا لا يجوز لأَمْرَيْنِ:
1- لأَنَّه لم يكنْ
من عمل السَّلَف الصَّالحِ مِن الصَّحابة والتَّابعين والقُرونِ المُفضَّلةِ، فلم
يكنْ عليها ستائِرُ في وقْتها.
2- لأَنَّه وسيلةٌ
إِلَى الشِّرْك، بل سَتْرُ سائِرِ الحِيطان عمومًا إِسْرافٌ لا ينبغي فعْلُه.
قال في «المغني» (7/ 9): «فأَمَّا سَتْر الحِيطان بسُتُورٍ غير مُصوَّرةٍ؛ فإِنْ كان لحاجةٍ مِن وِقايةِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ؛ فلا بَأْسَ؛ لأَنَّه يَستعْمِلَه في حاجته، فأَشْبَهَ السِّتْرَ على الباب وما يلْبَسه على بدَنِه، وإِنْ كان لغير حاجةٍ؛ فهو مكروهٌ وعُذْر في الرُّجوع عن الدَّعْوة «يعني: عن الوليمة»
([1])أخرجه: البخاري رقم (1195)، ومسلم رقم (1390).