×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

ولكنَّ أَهْلَ الجهْل والضَّلالِ لا يعلمون، فيعتقدون الحَسَنَ قبيحًا، والقبيحَ حسنًا، والمُنكَرَ معروفًا، والمعروفَ مُنكَرًا، وقدْ تَكَاثَرت الأَدلَّةُ على تحريم البِناءِ على القبور؛ لأَنَّ ذلك من وسائِلِ الشِّرْك، فلا بُدَّ مِن هدْم الأَضْرحة وإِزَالةِ مظاهر الوَثَنيَّة، وإِنْ غضب أَبُو زَهْرَةَ وأَضْرابُه ممَّن يرون بقاءَ الأَضْرحة التي هي منابتُ الوَثَنِيَّة وأَوْكَارُها.

الوجْهِ السَّادسِ: قولُه: «إِنَّهم تعلَّقوا بأُمورٍ صغيرةٍ»، ثُمَّ مثَّل لذلك بتحريم التَّصْوير الفوتوغرافيِّ.

والجواب عن ذلك:

أَوَّلاً: إِنَّ التَّصْوير ليس مِن الأُمورِ الصَّغيرةِ، بل هو من كبائِرِ الذُّنُوب؛ للأَحَاديثِ الصَّحيحةِ في النَّهْي عنه، والتَّحْذيرِ منه، ولعْنِ المُصوِّرين، والإِخْبارِ بأَنَّهم أَشدُّ النَّاس عذابًا يومَ القيامة؛ من غير تفريق بيْن التَّصْوير الفوتوغرافيِّ وغيرِه، ومَن فرَّق؛ فعليه الدَّليلُ، والمحذورُ في التَّصْوير والتَّعْليلِ الذي حُرِّم مِن أَجْله متحققان في جميع أَنْواع الصُّوَر الفوتوغرافيَّةِ وغيرِها.

وثانيًا: قولُه: «إِنَّ التَّصْويرَ لا يُؤَدِّي إِلَى وَثَنِيَّةِ»؛ قولٌ مردودٌ؛ لأَنَّ التَّصْوير مِن أَعْظم الوسائِلِ التي تُؤَدِّي إِلَى الوَثَنِيَّة؛ كما حصل لقوم نُوْحٍ لمَّا صوَّروا الصَّالحين، وعلَّقوا صُوَرَهم على مجالسهم، وآلَ بِهم الأَمْرُ إِلَى أَنْ عَبَدُوا تلك الصُّوَرَ؛ كما وَرَدَ ذلك في «صحيح البُخَارِيِّ» ([1]) وغيرِه عند تفْسير قولِه تعالى: ﴿وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا [نوح: 23].


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (4920).