الإِمَامُ ابنُ كثيرٍ في «تفسيره» حيث قال:
«واخْتَلَفَ المُفسِّرون في معناها، فقيل: معناه: أَمَرْنَا مترفيها ففسقوا فيها
أَمْرًا قَدَرِيًا؛ كقوله تعالى: ﴿أَتَىٰهَآ أَمۡرُنَا لَيۡلًا أَوۡ نَهَارٗا﴾ [يونس: 24] ».
وبِناءً على ما قاله
الشَّيْخُ العلاَّمةُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ نَاصِرِ السَّعديِّ في «تفسيره»، حيث
قال: «يُخْبِر تعالى أَنَّه إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ قرْيةً مِن القرى
الظَّالمةِ ويستَأْصِلَها بالعذاب؛ أَمَرَ مُتْرَفِيهَا أَمْرًا قَدَرِيًا،
فَفَسَقُوا فيها، واشْتَدَّ طُغْيانُهم».
وبِناءً على ما
ذَكَره شيْخُ الإِسْلامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله في كتاب «الفُرْقان بيْن
أَوْلِياءِ الرَّحْمن وأَوْلِياءِ الشَّيطان» [ضمن] «مجموع الفتاوى» (11/ 265)، حيث
قال: «وقد ذَكَر الله في كتابه الفرْقَ بيْن الإِرَادةِ، والأَمْرِ، والقضاءِ،
والإِذْنِ، والتَّحريمِ، والبعْثِ، والإِرْسالِ، والكلامِ، والجعلِ؛ بيْن الكونيِّ
الذي خلَقَه وقَدَّرَه وقَضَاه وإِنْ كان لمْ يَأْمُرْ به ولم يُحِبَّه ولا
يُثِيبُ أَصْحابَه ولا يجعلهم مِن أَوْليائِه المُتَّقين، وبيْن الدِّينيِّ الذي
أَمَرَ به وشَرَعَه وأَثَابَ عليه». ثُمَّ ذَكَر رحمه الله الأَمْثِلَةَ لكلِّ
قِسْمٍ من القِسْمَيْنِ.
وبِنَاءً على ما
رجَّحه الإِمَامُ العلاَّمةُ ابْنُ القَيِّمِ في كتابه «شِفاء العليل» في (ص 466)،
حيث مثَّل للأَمْر الكونيِّ بهذه الآيةِ الكريمةِ: ﴿وَإِذَآ أَرَدۡنَآ أَن نُّهۡلِكَ قَرۡيَةً أَمَرۡنَا مُتۡرَفِيهَا
فَفَسَقُواْ فِيهَا﴾ [الإسراء: 16]، فقال رحمه الله: «فهذا أَمْرٌ تقديريٌّ
كونيٌّ، لا أَمْرٌ دِينِيٌّ شرْعِيٌّ؛ فإِنَّ الله لا يَأْمُر بالفحشاءِ، والمعنى:
قضيْنا ذلك وقدَّرْنَاه. وقالتْ طائِفَةٌ: بل هو أَمْرٌ دِينِيٌّ، والمعنى:
أَمَرْناهم بالطَّاعة، فخَالَفُوها، فَفَسَقوا.