والجواب عن ذلك أن
نقول: إنَّ رُؤْيَةَ المؤمنين لربِّهم عز وجل قد ثبتت بالقرآن في عدَّة آيات سبق
ذكر بعضها، وثبتت بالسُّنَّة المتواترة، ولكنَّك خالفت هذه القاعدة، وأنكرت
الرُّؤية، فتناقضت مع نفسك، وهدمت ما بنيت؛ اتِّباعًا للهوى، وتقليدًا للرِّجال من
غير دليل.
من عوامل صحة الحديث
في نظره، والرد عليه:
قال: «ومن أهمِّ
عوامل صحَّة الحديث موافقته لكتاب الله تعالى؛ لقول الرَّسول صلى الله عليه وسلم: «مَا
جَاءَكُمْ عَنِّي، فَاعْرِضُوهُ عَلَى كِتَابِ اللهِ، فَمَا وَافَقَهُ، فَعَنِّي،
وَمَا خَالَفَهُ، فَلَيْسَ عَنِّي» ([1]). رواه الإمام
الرَّبيع من طريق ابن عبَّاس رضي الله عنهما وهو يرشد إليه قوله عزَّ مِنْ قائل: ﴿وَأَنزَلۡنَآ إِلَيۡكَ
ٱلذِّكۡرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيۡهِمۡ﴾ [النحل: 44] ».
والجواب عن ذلك من
وجوه:
الوجه الأوَّل: أن
نقول له: إنَّ رُؤْيَةَ المؤمنين لربِّهم يوم القيامة لم تثبت بالسُّنَّة وحدها، بل
ثبتت في القرآن أيضًا في آيات كثيرة، ذكرنا بعضها فيما سبق، وثبتت بالسُّنَّة
المتواترة، فيكون ما ثبت بالسُّنَّة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من
رؤية المؤمنين لربِّهم موافقًا لما ثبت في القرآن، فتكون الرُّؤية قد تضافرت
بثبوتها أدلَّة الكتاب والسُّنَّة المتواترة، فينطبق عليها ما ذكرت من الحديث على
فرض صحَّته، ومع هذا خالفته، فتناقضت مع نفسك!
الوجه الثَّاني: قوله: «إنَّ العَقِيدَةَ لا تثبت إلاَّ بالسُّنَّة المتواترة» قول غير سليم، بل تثبت العقيدة بما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء كان
([1])أخرجه: الرَّبيع في مسنده رقم (40).