×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

متواترًا، أو آحادًا؛ لا فرق؛ لأنَّ هذا التَّفْرِيقَ مُبْتَدَعٌ، فما زال العُلَمَاءُ يعملون بأخبار الآحاد الصَّحيحة في العقائد، وغيرها.

قال العلاَّمة ابن القيِّم: «ولم يكن أحد من الصَّحابة ولا أهل الإسلام بعدهم يشكُّون فيما يخبر به أبو بكر الصِّدِّيق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عُمَرُ ولا عُثْمَانُ ولا عليٌّ ولا عَبْدُ الله بن مسعود وأبيُّ بن كعب ومعاذ بن جبل وأبي ذرٍّ وعبادة بن الصَّامت وعبد الله بن عمر وَأَمْثَالُهُم من الصَّحابة، بل كانوا لا يشكُّون في خبر أبي هريرة - مع تفرُّده بكثير من الحديث - ولم يقل له أحدٌ منهم يومًا واحدًا من الدَّهر: خَبَرُكَ خَبَرٌ وَاحِدٌ لا يُفِيدُ العِلْمَ».

الوجه الثَّالث: أنَّه لا يُتَصَوَّر أن يَرِدَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث صحيح يكون مخالفًا للقرآن؛ بمعنى أن يكون مناقضًا له، بحيث يُثْبِتُ ما نفاه القرآن، أو يَنْفِي ما أَثْبَتَهُ.

قال الإمام ابْنُ القَيِّمِ في كتاب «الطُّرق الحكيمة» (ص 73): «والَّذي يَجِبُ على كلِّ مُسْلِمٍ اعتقادُه أنَّه ليس في سُنَنِ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّحِيحَةِ سُنَّةٌ وَاحِدَةٌ تُخَالِفُ كِتَابَ الله، بل السُّنَنُ مع كتاب الله على ثلاث منازل:

المنزلة الأولى: سنَّة موافقة شاهدة بنفس ما شهدت به الكتب المنزَّلة.

المنزلة الثانية: سنَّة تفسِّر الكتاب، وتبيِّن مراد الله منه، وتقيِّدُ مُطْلَقَهُ.

المنزلة الثالثة: سنَّة متضمِّنة لحكم سكت عنه الكتاب، فتبيِّنُه بيانًا مبتدأ.

ولا يجوز رَدُّ وَاحِدَةٍ من هذه الأقسام الثَّلاثة، وليس للسُّنَّة مع كتاب الله مَنْزِلَةٌ رَابِعَةٌ...». انتهى.


الشرح