والجواب: أن نقول:
1- أمَّا كَوْنُ بَعْضِ
الفقهاء - وليس جُمْهُورَهُم كما يقول - ظنُّوا أنَّ آيَاتِ الصِّفات من المتشابه،
فهو شيء حاصل، لكن هو ظنٌّ فَاسِدٌ، مُخَالِفٌ لِمَا دلَّ عليه الكِتَابُ
والسُّنَّةُ، واعْتِقَادُ أهل السُّنَّة والجماعة؛ مِنْ أنَّ آيَاتِ الصِّفاتِ
مِنَ المُحْكَمِ، لا مِنَ المُتَشَابِهِ، وقد ضَلُّوا بهذا الظَّنِّ الباطل.
2- وأمَّا قوله:
«إنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ لم يقولوا بفساد عقيدتهم»، فهو خِلافُ الواقع؛ فإنَّ
أَهْلَ السُّنَّةِ بيَّنُوا بُطْلانَ قَوْلِ هؤلاء، وَرَدُّوا عَلَيْهِمْ؛ إمَّا
تَصْرِيحًا، وإمَّا ضِمْنًا.
مِنْ ذَلِكَ - على
سبيل المثال - ما كَتَبَهُ شَيْخُ الإسلام ابْنُ تيميَّةَ في رَسَائِلِهِ، وما
كَتَبَهُ ابْنُ القيِّمِ في «اجتماع الجيوش الإسلاميَّة» و«الصَّواعق المرسلة» و«القصيدة
النُّونيَّة»، وَصَاحِبُ «العقيدة الطَّحاويَّة»، وشارحُها... وغير ذلك من كتب أهل
السُّنَّة والجماعة.
3- وأمَّا نِسبَتُهُ
هَذَا القَوْلَ إلى الإِمام أحمد، وَابْنِ كَثِيرٍ، وأنَّهُمَا مِنْ جُمْلَةِ مَنْ
يَقُولُ بأنَّ آيَاتِ الصِّفاتِ مِنَ المتشابه، فهي نسبة كاذبة، وفِرْيَةٌ خاطئة؛
لأنَّ هذين الإِمامين في طليعة من يثبت الصِّفات على حقيقتها، ويؤمن بما دلَّت
عليه الآيات الواردة فيها، وأنَّها من المحكم الَّذي يُعْلَم معناه ويُفَسَّر؛ لا
من المتشابه الَّذي لا يَعْلَم تأويله إلاَّ الله.
وإليك ما قاله
الأئمَّة في ذلك:
أ- قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله في كتاب «العقل والنَّقل» (1/ 204): «وأمَّا على قول أكابرهم: إنَّ معاني هذه النُّصوص المشكلة المتشابهة لا يعلمها إلاَّ الله، وإنَّ معناها الَّذي أراده الله بها