×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

أنَّها تحوي المسجد النَّبويَّ الشَّريف، الَّذي يضمُّ قبر النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وقبر خليفتيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ».

هكذا قال!! ونحبُّ أن ننبِّه الدُّكتور وغيره إلى أنَّ مسجد الرَّسول صلى الله عليه وسلم لم يكن يضمُّ قبرًا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنَّه صلى الله عليه وسلم قد حذَّرَ من بناء المساجد على القبور، وشدَّد في ذلك، ولعن من فعله وهو في سياق الموت.

ولمَّا توفِّي صلى الله عليه وسلم دفنه الصَّحابة في بيته في حجرة عائشة خارج المسجد، ودُفِن فيما بعد معه الخليفتان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما وهكذا كان المَسْجِدُ الشَّريفُ على حِدَه، والقُبُورُ في بيت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم على حِدَه، وقد بيَّنَت عائشة رضي الله عنها الحكمة في دفنه صلى الله عليه وسلم بقولها: لمَّا نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طَفِقَ يَطْرَحُ خميصة له على وَجْهِهِ، فإذا اغتمَّ بها، كشفها، فقال وهو كذلك: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ»؛ يُحَذِّرُ مَا صَنَعُوا، فَلَوْلاَ ذَلكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ، غَيْرَ أَنَّهُ خُشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا ([1]).

وقد بقي قبره صلى الله عليه وسلم منعزلاً عن المسجد، والمسجد خال من القبور؛ كما كان على عهد الرَّسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه، حتَّى جاء عهد الوليد بن عبد الملك بعد موت الصَّحابة، وأراد توسعة المسجد، فشملت التَّوسعة الجهة الشَّرقيَّة، ودخلت بسببها الحجرة النَّبويَّة في المسجد.

ولم يكن هذا بمشورة أهل العلم، وموافقتهم، وإنَّما نُفِّذَ بقوَّة السُّلطة، وكان الخلفاء قبل الوليد يوسِّعون المسجد من الجهات الأخرى، ويتركون الجهة الشَّرقيَّة؛ تفاديًا لدخول الحجرة النَّبويَّة.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (435)، ومسلم رقم (531).