فكثر أهل المسجد في
اللَّيلة الثَّالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصلَّى، وصلَّوا بصلاته،
فلمَّا كانت اللَّيلة الرَّابعة، عجز المسجد عن أهله، حتَّى خرج لصلاة الصُّبح،
فلمَّا قضى، أقبل على النَّاس، فتشهَّد، ثمَّ قال: «أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ
لَمْ يَخْفَ عَلَيَّ مَكَانُكُمْ، وَلَكِنِّي خَشِيتُ أَنْ تُفْتَرَضَ عَلَيْكُم،
فَتَعْجِزُوا عَنْهَا» ([1]).
وكان رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ
لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([2]). فتوفِّي رسول الله
صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك، ثمَّ كان الأَمْرُ على ذلك في خلافة أبي بكر،
وصدرًا من خلافة عمر رضي الله عنهما.
فعُلِم من ذلك أنَّ
دَوْرَ عمر رضي الله عنه في صلاة التَّراويح إنَّما هو إحياء ما فعله رسول الله
صلى الله عليه وسلم في اللَّيالي الثَّلاث المذكورة في الحديث، ولم يحدِث شيئًا
جديدًا منها، وأنَّ معنى قول عُمَرَ رضي الله عنه: «نِعْمَتِ البِدْعَةُ
هَذِهِ» ([3])، هو البدعة
اللُّغويَّة، لا البدعة الشَّرعيَّة؛ لأنَّ التَّرَاويحَ ليست بِدْعَةً، واجتماع
النَّاس فيها على إمام واحد ليس بِدْعَةً.
هذا، وأسأل الله لي
وللأخ أنور ولجميع المسلمين التَّوفيق لمعرفة الحقِّ والعمل به.
وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله، وصحبه أجمعين.
*****
([1])أخرجه: البخاري رقم (2012)، ومسلم رقم (761).
الصفحة 11 / 427