ثمَّ يقول الكاتب: «وأنا وإن كنت لا أحبُّ البحث في التَّفضيل، إلاَّ أنَّ ما ذكره يدلُّ
على عنايته بليلة الإسراء». انتهى كلامه.
وأقول أوَّلاً: قول الكاتب: «ويحتفل
المسلمون في ديار الإسلام بتلك اللَّيلة» قول باطل؛ حيث ادَّعى أنَّ المسلمين
جميعهم يحتفلون بتلك اللَّيلة، والحقُّ أنَّ المسلمين المتمسِّكين بالسُّنَّة لا
يحتفلون بتلك اللَّيلة، ويعدُّونها كسائر اللَّيالي، حيث لم يرد عن النَّبيِّ صلى
الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ومن جاء بعدهم من القرون المفضَّلة الاحتفال بتلك
اللَّيلة، وقد قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي
وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» ([1])، وقال: «مَنْ
عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2])، وقال: «وَإِيَّاكُمْ
وَمُحْدَثَاتِ الأُْمُورِ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلَّ بِدْعَةٍ
ضَلاَلَةٌ» ([3]).
وإنَّما يحتفل بتلك
اللَّيلة المبتدعة من المسلمين، ومن يقلِّدهم من الجهَّال، وهؤلاء لا يمثِّلون
المسلمين في هذا العمل المبتَدَع.
وأقول ثانيًا: ما نقله عن ابن
القيِّم لم ينقله بأمانة؛ لأنَّه حذف أوَّل الكلام الَّذي فيه ردٌّ عليه في تعيين
ليلة الإسراء والمعراج، وفي حكم الاحتفال بها، وتخصيصها بعبادة دون غيرها.
وإليك كلام ابن القيِّم من أوَّله بنصِّه؛ حيث يقول رحمه الله: «فقد سُئل شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله عن رجل؛ قال: ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر، وقال آخر: بل ليلة القدر أفضل، فأيُّهما المصيب؟ فأجاب: الحمد لله. أمَّا القائل بأنَّ ليلة الإسراء أفضل من ليلة القدر، فإن أراد
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4607)، وابن ماجه رقم (42)، وأحمد رقم (17144).