به أن تكون
اللَّيلةُ الَّتي أُسْرِي فيها بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ونظائرُها من كلِّ
عام أَفْضَلَ لأمَّة محمَّد صلى الله عليه وسلم من ليلة القدر، بحيث يكون
قِيَامُهَا والدُّعاءُ فيها أَفْضَلُ من ليلة القدر، فهذا باطل، لم يقله أحد من
المسلمين.
وهو معلوم الفساد
بالاطِّراد من دين الإسلام. هذا إذا كانت ليلة الإسراء تُعْرف عينها، فكيف ولم يقم
دليل معلوم، لا على شهرها، ولا على عَشْرِها، ولا على عينها؟ بل النُّقول في ذلك
منقطعة مختلفة، ليس فيها ما يُقْطَع به، ولا شُرِع للمسلمين تخصيص اللَّيلة الَّتي
يُظَنُّ أنَّها ليلة الإسراء بقيام، ولا غيره؛ بخلاف ليلة القدر؛ فإنَّه قد ثبت في
«الصَّحيحين» عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «تَحَرَّوْا
لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الأَْوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» ([1]). وفي «الصَّحيحين»
عنه صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: «وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ
إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» ([2])، وقد أخبر - سبحانه
- أنَّها خَيْرٌ من أَلْفِ شَهْرٍ، وأنَّه أُنْزِلَ فيها القرآن.
وإن أراد أنَّ اللَّيلةَ المعيَّنةَ الَّتي أُسري فيها بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وحصل له فيها ما لم يحصل له في غيرها من غير أن يُشْرَعَ تخصيصها بقيام وعبادة، فهذا صحيح، وليس إذا أُعْطَى الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم فضيلة في مكان أو زمان، يجب أن يكون ذلك الزَّمان والمكان أفضل من جميع الأمكنة والأزمنة. هذا إذا قُدِّر أنَّه قام دليل على أنَّ إنعام الله - تعالى - على نبيِّه ليلة الإسراء كان أَعْظَمَ مِنْ إِنْعَامِهِ عليه بإنزال القرآن ليلة القَدْرِ، وغير ذلك من النِّعَم الَّتي أنعم عليه بها.
([1])أخرجه: البخاري رقم (2017)، ومسلم رقم (1169).