وأمَّا قوله: «إنَّ هذه
المَادَّةَ لا تتجاوز منطقة الرِّئَتَيْنِ»، فنقول عنه:
أوَّلاً: الفقهاء لم
يفرِّقوا فيما يدخل إلى الحَلْقِ، ويتجاوزه إلى الدَّاخل، وإنَّما أعطوه حكمًا
واحدًا هو المنع.
ثانيًا: إنَّ قول الأستاذ
أحمد: «إنَّ هذه المادَّة لا تتجاوز منطقة الرِّئتين» هو مجرَّد دعوى منه.
ثالثًا: لا نسلِّم له هذا
الحصر، وهو عدم تجاوز مادَّة البخَّاخ منطقة الرِّئَتَيْنِ، بل نقول: وإن كان
مَفْعُولُ المادَّة مختصًّا بالرِّئتين، وأنَّ هذا هو المَقْصُودَ من تعاطيها،
فإنَّ ذلك لا يمنع من تمدُّدِها، وانتشارها في غير هذه المنطقة من الجَوْفِ
والجسم، ومثل هذا يُخِلُّ بالصِّيام.
وأمَّا قول الأستاذ
أحمد عنِّيّ: أَنَّه فاتني أنَّ نَوْبَاتِ الرَّبو مُلازِمَةٌ للمريض طوال حياته، وبذلك
لا يستطيع القضاء.
فنقول عنه: بل أنت الَّذي
فاتك أنَّ مثل هذا المريض يُعَدُّ من ذوي الأمراض المزمنة الَّذين لا يكلَّفون
بالصِّيام، وإنَّما يكفيهم تقديم الفدية، وهي إطعام مسكين عن كلِّ يوم؛ أخذًا من
قوله تعالى: ﴿وَعَلَى
ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُۥ فِدۡيَةٞ طَعَامُ مِسۡكِينٖۖ﴾ [البقرة: 184].
وعلى هذا فيكون
المتشدِّد في الحقيقة هو الَّذي طالبهم بالصِّيام مع تناول البخَّاخ، لا الَّذي
أفتاهم بالقضاء إذا كانوا يطيقونه، أو تقديم الفدية إذا كانوا لا يطيقون الصِّيام
أداء ولا قضاء إلاَّ مع تناول البخَّاخ؛ لأنَّ هذا من التَّكلُّف الَّذي لم يأمر
الله به، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ فلم يُعْهَدْ في الشَّرع أنَّ مريضًا
يكلَّف بالصِّيام وهو مضطرٌّ لتناول الدَّواء عن طريق الحَلْقِ أثناء النَّهار.