إذا تبيَّن هذا،
فنقول للسَّائل: إنَّ الشَّيْخَ المَذْكُورَ قَصَدَ أن يتوِّب المجتمعين عن الكبائر، فلم
يمكنه إلاَّ بما ذُكر من الطَّريق البدعيِّ، وهذا يدلُّ على أنَّ الشَّيخ جاهل
بالطُّرُقِ الشَّرعيَّة الَّتي بها يتوب العصاة، أو عاجزٌ عنها؛ فإنَّ الرَّسول
صلى الله عليه وسلم والصَّحابة والتَّابعين، كانوا يَدْعُونَ من هم شرٌّ من هؤلاء
من أهل الكفر والفسوق والعصيان بالطُّرق الشَّرعيَّة الَّتي أغناهم الله بها عن
الطُّرق البدعيَّة، فلا يجوز أن يقال: إنَّه ليس في الطُّرق الشَّرعيَّة الَّتي
بعث الله بها نبيَّه ما يتوَّب به العصاة.
فإنَّه قد عُلِم
بالضَّرورة والنَّقل المتواتر أنَّه قد تاب من الكفر والفسوق والعصيان من لا يحصيه
إلاَّ الله تعالى من الأمم بالطُّرُق الشَّرعيَّة الَّتي ليس فيها ما ذُكِر من
الاجتماع، بل السَّابقون من المهاجرين والأنصار والَّذين اتَّبعوهم بإحسان - وهم
خير أولياء الله المتَّقين من هذه الأمَّة - تابوا إلى الله تعالى بالطُّرق
الشَّرعيَّة، لا بهذه الطُّرق البدعيَّة.
وأمصار المسلمين وقراها قديمًا وحديثًا مملوءة ممَّن تاب إلى الله واتَّقاه، وفعل ما يُحِبُّه الله ويرضاه، بالطُّرق الشَّرعيَّة، لا بهذه الطُّرق البدعيَّة؛ فلا يمكن أن يُقال: إنَّ العصاة لا يمكن توبتهم إلاَّ بهذه الطُّرق البدعيَّة، بل قد يقال: إنَّ من الشُّيوخ مَن يكون جاهلاً بالطُّرق الشَّرعيَّة، عاجزًا عنها، ليس عنده علم بالكتاب والسُّنَّة، وما يخاطب به النَّاس ويسمعهم إيَّاه، ممَّا يتوب الله عليهم، فيعدِل هذا الشَّيخ عن الطُّرق الشَّرعيَّة إلى الطُّرق البدعيَّة؛ إمَّا مع حسن القصد إن كان له دِينٌ، وإمَّا أن يكون غَرَضُهُ التَّرَؤُّسَ عليهم، وأخذ أموالهم بالباطل؛ كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلۡأَحۡبَارِ وَٱلرُّهۡبَانِ لَيَأۡكُلُونَ أَمۡوَٰلَ ٱلنَّاسِ بِٱلۡبَٰطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۗ﴾ [التوبة: 34].