×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الأول

فأجاب رحمه الله بقوله: «الحمد لله ربِّ العالمين. أصل جواب هذه المسألة وما أشبهها أن يُعْلَم أنَّ اللهَ بَعَثَ محمَّدًا بالهُدى ودين الحقِّ ليظهره على الدِّين كلِّه، وكفى بالله شهيدًا...». ومضى رحمه الله في بيان أنَّ الله أكمل الدِّين، وأمر الخلق بردِّ ما تنازعوا فيه إلى ما بَعَثَ الله به رسوله، وأخبر أنَّه يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وَيُحِلُّ الطَّيِّبات، ويحرِّم الخبائث... إلى أن قال: «إذا عُرِف هذا، فمعلوم أنَّ ما يهدي الله به الضَّالِّين، ويرشد به الغاوين، ويتوب به على العاصين، لا بدَّ أن يكون فيما بَعَثَ الله به رسوله من الكتاب والسُّنَّة، وإلاَّ فإنَّه لو كان ما بعث الله به الرَّسول صلى الله عليه وسلم لا يكفي ذلك، لكان دين الرَّسول ناقصًا محتاجًا تتمَّة.

وينبغي أن يُعْلَمَ أنَّ الأَعْمَالَ الصَّالحة أَمَرَ الله لها أمر إيجاب واستحباب، والأعمال الفاسدة نهى الله عنها، والعمل إذا اشتمل على مصلحة ومفسدة، فإنَّ الشَّارع حكيم؛ فإن غلبت مصلحته على مفسدته، شَرَعَهُ، وإن غلبت مفسدته على مصلحته، لم يشرعه، بل نهى عنه؛ كما قال تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡ‍ٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡ‍ٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ [البقرة: 216]. وقال تعالى: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِۖ قُلۡ فِيهِمَآ إِثۡمٞ كَبِيرٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ وَإِثۡمُهُمَآ أَكۡبَرُ مِن نَّفۡعِهِمَاۗ [البقرة: 219].

ولهذا حرَّمهما الله بعد ذلك. وهكذا ما يراه النَّاس من الأعمال مقرِّبًا إلى الله ولم يشرعه الله ولا رسوله، فإنَّه لا بدَّ أن يَكُونَ ضَرَرُهُ أَكْبَرَ مِنْ نَفْعِهِ، وإلاَّ فلو كان نَفْعُهُ أَعْظَمَ غالبًا على ضَرَرِهِ، لم يُهْمِلْهُ الشَّارع؛ فإنَّه صلى الله عليه وسلم حكيم لا يهمل مصالح الدِّين، ولا يفوِّت المؤمنين ما يقرِّبهم إلى ربِّ العالمين.


الشرح