وَبِنَاءً على ما
سبق، فإنَّ هذه المعامَلة محرَّمة لا يجوز فعلها. والله الموفِّق.
وأمَّا الشُّبْهَةُ
الَّتي احتجَّ بها من أجاز هذه المعاملة، وهي أنَّ المَنْفَعَةَ مُشْتَرَكَةٌ
بَيْنَ الأطراف المتقارِضِين، والمنفعة إنَّما تَحْرُمُ إذا كانت مختصَّة بالمقرض،
فالجواب عنها من وجوه:
الوجه الأول: أنَّ
الحديث والقاعدة المُجْمَعَ عليها في أنَّ «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ نَفْعًا فَهُوَ
رِبًا» لم يخصِّصَا التَّحْرِيمَ بما إذا كان النَّفْعُ من طَرَفٍ وَاحِدٍ.
الوجه الثَّاني: أنَّ الَّذين
خصَّصوا هذا التَّخصيص إنَّما ذكروه في مسألة السَّفْتَجَة، والسَّفْتَجَةُ ليس
فيها تقارض من الطَّرفين، وإنَّما فيها قرض من طرف واحد؛ وذلك بِأَنْ يُقْرِضَهُ
دَرَاهِمَ، على أن يَرُدَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا مِنْ بَلَدٍ آخَرَ؛ لِيَسْلَمَ من
خَطَرِ الطَّريق؛ هذا ينتفع بالدَّراهم، وهذا ينتفع بالأَمْنِ من خطر الطَّريق،
والقرض من طَرَفٍ واحد.
وقولهم: «إنَّ هذا من باب
التَّسديد، وليس من باب التَّقارُض»، نقول: هذا إنَّما يُتَصَوَّر لو كان
هذا العمل ينتهي عندما يتكامل عدد الجماعة، لكنَّه يبدأ مرَّة ثانية من جديد، فيكون
تقارضًا. والله أعلم.
*****
الصفحة 4 / 427