ذلك أن تُساقَ من
الحِلِّ، وأكمل من ذلك أن تُسَاقَ قبل ذلك، ويُجْعَلَ لها شعارٌ تُعْرَف به؛ من
التَّقليد، والإشعار؛ تعظيمًا لحُرُمَاتِ الله، وشرائعه، وَشَعَائِرِ دِينِهِ.
وفيه من الحِكْمَةِ
الاقتداء بالخَلِيلِ صلى الله عليه وسلم ؛ حيث فَدَى ابْنَهُ بِذِبْحٍ عظيم،
وَأَمَرَ الله هذه الأمَّة بالاقتداء به؛ خصوصًا في أحوال البيت الحرام إذ هو
بانيه ومؤسِّسه.
وفيه توسيع على
سكَّان بيته الحرام؛ حيث شرع لهم من الأرزاق، وساق لهم من قَدَرِهِ وَشَرْعِهِ ما
به يَرْتَزِقُونَ، وبه يتمتَّعون؛ إذ قد تكفَّل الله بأرزاقهم بَرِّهم وفاجرهم؛
كما تكفَّل بأرزاق جميع خَلْقِهِ؛ كما في دَعْوَةِ الخليل صلى الله عليه وسلم.
وَمِنَ الحِكْمَةِ
فيها أنَّها شُكْرٌ لِنِعْمَةِ الله تعالى بالتَّوفيق لِحَجِّ بيته الحرام، ولهذا
وَجَبَتْ في المُتْعَةِ والقِران، وشملت توسعته فيها للأغنياء والفقراء لمن ذبحها
وغيرهم؛ قال تعالى: ﴿فَكُلُواْ
مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡبَآئِسَ ٱلۡفَقِيرَ﴾ [الحج: 28].
ثمَّ إنَّ هَذِهِ
العِبَادَةَ لم تَخْتَصَّ بحجَّاج البيت الحرام، بل شملت مشروعيَّتُها جميع
المسلمين في هذه الأيَّام، فشرع لهم الأضاحي؛ تحصيلاً لفوائد هذه العبادة الفاضلة».
انتهى.
فالأُضْحِيَةُ
والهَدْيُ عِبَادَتَانِ عظيمتان في مناسبتين كريمتين؛ ممَّا يوجب الاهتمام بهما.
ولا يُجْزِئُ في
الهَدْيِ والأضاحي إلاَّ ما توفَّرت فيه الشُّروط الشَّرعيَّة الَّتي منها
السَّلامة من المَرَضِ؛ كما قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَرْبَعٌ لاَ
تَجُوزُ فِي الضَّحَايَا: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْمَرِيضَةُ
الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ