قال: «ويأجرك الله «يعني
المستفتي» على ما أسلفت وقدَّمت من الأضاحي؛ حيث لم تعرف طريق الحلال والحرام
فيها؛ لكونها شرعت في حقِّ الحيِّ، ولم تشرع عن الميِّت؛ ﴿فَمَن جَآءَهُۥ مَوۡعِظَةٞ مِّن رَّبِّهِۦ فَٱنتَهَىٰ فَلَهُۥ مَا
سَلَفَ وَأَمۡرُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۖ﴾ [البقرة: 275]، ثمَّ قال:
وإنَّني أتحفك برسالة من مؤلَّفاتنا للنَّظر فيها.
وقد انتهى علماء نجد
عن الأضحية عن الميِّت من بعد نشر هذه الرِّسالة.
هذا حاصل ما في
الفَتْوَى المذكورة، والمُلاحَظُ على هذه الفتوى من عدَّة وجوه:
الوجه الأول: إِنْكَارُهُ لصحَّة
الأضحية عن الميِّت، وَحَصْرُهُ مشروعيَّتها في حقِّ الحَيِّ. وهذا لا دَلِيلَ
عَلَيْهِ؛ إنَّما الأدلَّة تدلُّ على خِلافِهِ، وهو شرعيَّتها عن الميِّت والحيِّ،
ومن هذه الأدلَّة ما ذكره هو في فتواه من أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ضحَّى
عنه وعن أمَّته؛ فإنَّ هذا يدخل فيه الأَحْيَاءُ والأَمْوَاتُ من أمَّته صلى الله
عليه وسلم، ثمَّ هو قد تَنَاقَضَ مع نَفْسِهِ حيث قال في فتواه: فَصَرْفُ هذه
الوصيَّة إلى الفقهاء والمضطرِّين أفضل. فمعنى هذا أنَّ تَنْفِيذَهَا جَائِزٌ،
ولكن الصَّدقة بِثَمَنِهَا أَفْضَلُ عِنْدَ شدَّة الحاجة، ووجود الضَّرورة.
الوجه الثَّاني:
قوله: والوصيَّة بالأضحية عن الميِّت إنَّما وقعت خطأ من بعض علماء الحنابلة،
وهذا إمَّا جَهْلٌ منه بأقوال غير الحنابلة في الموضوع، فكان الوَاجِبُ عَلَيْهِ
أَنْ يَبْحَثَ ويراجع ليرى أنَّ عُلَمَاءَ الحنابلة لم ينفردوا بالقول بمشروعيَّة
الأضحية عن الميِّت، بل قال بها علماء كثيرون من الحنفيَّة والشَّافعيَّة والحنابلة،
كما هو مصرَّح به في كتبهم، وإمَّا أنَّه قال هذا مع عِلْمِهِ بأقوال غير الحنابلة
في الموضوع؛