وَلَكِنْ أَنْطَلِقُ فَأَطْلُبُ لَكَ - وَكَانَ
يَوْمَهُ يَعْمَلُ؛ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَتُهُ، فَلَمَّا
رَأَتْهُ قَالَتْ: خَيْبَةً لَكَ، أَنِمْتَ؟! ([1]) فَلَمَّا انْتَصَفَ
النَّهَارُ غُشِيَ عَلَيْهِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ؛
فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ: [البقرة: 187] ؛ فَفَرِحُوا فَرَحًا شَدِيدًا، ونزلت:
﴿وَكُلُواْ
وَٱشۡرَبُواْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ ٱلۡخَيۡطُ ٱلۡأَبۡيَضُ مِنَ ٱلۡخَيۡطِ
ٱلۡأَسۡوَدِ مِنَ ٱلۡفَجۡرِۖ﴾ [البقرة: 187] » ([2]).
وفي البُخَارِي أَيضًا عن البَرَاءِ قال: «لَمَّا نَزَلَ صَوْمُ رَمَضَانَ كَانُوا لاَ يَقْرَبُونَ النِّسَاءَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، وَكَانَ رِجَالٌ يَختَانُونَ أَنْفُسَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿عَلِمَ ٱللَّهُ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَخۡتَانُونَ أَنفُسَكُمۡ فَتَابَ عَلَيۡكُمۡ وَعَفَا عَنكُمۡۖ﴾ [البقرة: 187] » ([3]).. يُقالُ: خَانَ، واخْتَانَ. بمعنى: أَي تخونُون أَنفسَكم بالمباشرة في ليالي الصومِ، «فتاب عليكم» أي: قبل توبتِكم مما حصل، «وعفا عنكم» فلم يؤاخذْكُم، وسَهَّلَ عليكم ويَسَّر لكم، فأَباح لكم النِّساءَ والطعام والشَّراب مِن غروب الشمس إِلى طلوع الفجر الثاني، وعند ذلك يُبْدأُ الصيامُ بالامتناع عن هذه الأَشياء وغيرِها، مما لا يجوز للصائم إِلى غروب الشمس، لقوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّواْ ٱلصِّيَامَ إِلَى ٱلَّيۡلِۚ﴾ [البقرة: 187]، و«إِلى» غاية - إِذا كان ما بعدها ليس مِن جنس ما قبلها؛ فإِنَّه لا يدخل فيه، والليل ليس مِن جنس النهار، فالصوم ينتهى عند بداية الليل بغروب الشمس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَاهُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَاهُنَا، وَغَرَبَتِ الشَّمْسُ؛ فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ» ([4]).
([1])لأَنَّه دخل في صوم اليوم الثاني ولم يأْكل.