وفي السُّنن عن أَبي
ذَرٍّ رضي الله عنه قال: «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم،
فَلَمْ يَقُمْ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَقَامَ بِنَا حَتَّى ذَهَبَ
ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ، وَقَامَ بِنَا فِي
الخَامِسَةِ، حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، فَقُلْنَا لَهُ: لَوْ نَفَّلْتَنَا
بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ؟ فَقَالَ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ
حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ ليْلَةِ»، ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا
حَتَّى بَقِيَ ثَلاَثٌ مِنَ الشَّهْرِ، فَصَلَّى بِنَا فِي الثَّالِثَةِ وَدَعَا
أَهْلَهُ وَنِسَاءَه، وَقَامَ بِنَا حَتَّى خَشِيِنَا أَنْ يَفُوُتَنَا الفَلاَحُ،
قِيِلَ: وَمَا الفَلاَحُ؟ قَالَ: السُّحُوُرُ. صحَّحه التِّرمِذِيُّ. واجتمع
الإِمام أَحمدُ وغيرُه بهذا الحديثَ أَن فِعلَ التراويح جماعةً أَفضل.
وقال شيخ الإِسلام،
تقيُّ الدِّين رحمه الله: «وفي قولِه صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ مَعَ
الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ ليْلَةِ» ([1])، ترغيبٌ في قيام
رمضانَ خلف الإمام، وذلك أَوكد من أَن يكون سُنةً مطلقةً، وكان الناس يصلونها
جماعاتٍ في المسجد على عهدِه صلى الله عليه وسلم، وإِقرارُه سُنةٌ مِنه صلى الله
عليه وسلم ». انتهى.
فلمَّا تقرر أَن قيام رمضانَ وإِحياءَ العشرِ الأَواخر سُنةٌ مؤكدةٌ، وأَنه في جماعة أَفضل، وأَنه صلى الله عليه وسلم لم يُوقِّتْ في ذلك عددًا عَلِمنا أَنه لا توقيت في ذلك، وفي «الصَّحيحَين» عن عَائشةَ قالت: «مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ، وَلاَ فِي غَيْرِهِ، عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً» ([2]). وفي بعض طرق حديثِ حُذَيْفَةَ الذي فيه أَنه صلى الله عليه وسلم قرأَ في ركعةٍ البَقرةَ والنِّساءَ وآلِ عِمرانَ أَنه لم يصلِّ في تلك الليلةِ إِلا ركعتينِ، وأَن ذلك في رمضان.
([1])أخرجه : أبو داود رقم (1375)، والترمذي رقم (806)، والنسائي رقم (1605).