×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ [الحجرات: 6].

هذا من الأدب مع المسلمين، لما ذَكَر الأدب مع الله ومع رسول الله، ذَكَر الأدب مع المسلمين فيما بينهم فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ، وانظر كيف كرر هذا النداء عدة مرات في هذه السورة العظيمة؛ من أجل أهمية ما ذَكَر الله فيها من الآداب العظيمة؛ ولأجل تشريف المؤمنين بتَكرار ندائهم.

ثم قال: ﴿إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ.

والفاسق: اسم فاعل من: فَسَق الشيء، إذا خَرَج. ويقال: فَسَقت الحبة، إذا خرج النبات منها.

فالفسوق في اللغة: هو الخروج من الشيء. قال سبحانه وتعالى: ﴿وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلۡجِنِّ فَفَسَقَ عَنۡ أَمۡرِ رَبِّهِۦٓۗ [الكهف: 50]، يعني خرج عن طاعة الله سبحانه وتعالى. ومنه سميت الفأرة بالفويسقة؛ لأنها خرجت عن عادة الحشرات في أنها تؤذي. هذا من حيث اللغة ([1]).

قال صلى الله عليه وسلم: «خَمْسٌ فَوَاسِقُ، يُقْتَلْنَ فِي الْحِلِّ وَالْحَرَمِ» ([2]) مع أن هذه الفواسق لسن مكلفات، ولكن المراد أنهن خرجن عن العادة في أمثالهن من عدم الأذى، فصرن مؤذيات.

والفاسق عند أهل السُّنة والجماعة: هو الذي يرتكب كبيرة من كبائر الذنوب وهي دون الشرك. فهذا يسمى فاسقًا بمعصيته، مؤمنًا بإيمانه.


الشرح

([1])  انظر مادة (فسق) في: لسان العرب (10/ 308)، وتهذيب اللغة (8/ 315)، ومقاييس اللغة (4/ 502)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (3/ 446).

([2])  أخرجه: البخاري رقم (3314)، ومسلم رقم (1198).