لماذا
يتبينون؟ ﴿أَن تُصِيبُواْ
قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ﴾ يعني:
خَشية - أو: احذروا - أن تصيبوا قومًا بجهالة، وهم لا يستحقون العقوبة، وأنتم
تهجمون عليهم وتعاقبونهم، أو تتكلمون فيهم، أو تُحَذِّرون منهم - بدون تَثَبُّت
وبدون روية؛ فيكون هذا من إصابة البريء. حتى ولو لم تتعمدوا هذا، فأنتم مخطئون؛
لأنكم لم تتثبتوا. ولهذا قال: ﴿فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ﴾ هذه العاقبة للتعجل.
فلو
أنك تعجلت وصَدَّقتَ خبر الفاسق أو مجهول الحال، وأوقعتَ في المُخبَر عنه ما يَكره
من الوقيعة في عِرضه أو من العقوبة في بدنه... أو غير ذلك، ثم تَبَيَّن أنه برئ،
ماذا تكون حالك حينئذٍ؟!
﴿فَتُصۡبِحُواْ
عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ﴾
ولا ينفع الندم بعد وقوع المكروه. وقد يحصل مفاسد لا يمكن الخروج منها، مهما
حاولتَ، ﴿فَتُصۡبِحُواْ
عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ﴾
من إصابة البريء ﴿نَٰدِمِينَ﴾
على فعلكم.
ولو
أنكم من الأول استدركتم هذا ولم تتعجلوا حتى يتبين لكم الأمر، لسَلِمتم من هذه
الغائلة والورطة التي وقعتم فيها.
فهذا
تأديب للمؤمنين، التثبت في الأخبار، خصوصًا إذا فشا الكذب والأهواء والشائعات.
فالمسلم يكون ثابتًا لا يطير مع الشائعات ومع الأقاويل ويتكلم بما لا يتحقق منه.
وكم حصل بسبب هذا من النتائج الوخيمة!
ثم
قال عز وجل: ﴿وَٱعۡلَمُوٓاْ
أَنَّ فِيكُمۡ رَسُولَ ٱللَّهِۚ لَوۡ يُطِيعُكُمۡ فِي كَثِيرٖ مِّنَ ٱلۡأَمۡرِ
لَعَنِتُّمۡ﴾ [الحجرات: 7].
الواجب: الرجوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا حدثت حادثة فإنه يُرْجَع فيها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، وبعد مماته يُرْجَع إلى سُنته صلى الله عليه وسلم،