وليس
الإيمان مجرد التصديق كما تقول الأشاعرة. ولا مجرد القول باللسان كما تقول
الكَرَّامية. ولا مجرد القول والاعتقاد كما تقول الحنفية. ولا مجرد المعرفة كما
تقول الجهمية. وهذه الفِرَق تُسَمَّى بالمرجئة؛ لأنهم أخروا الأعمال عن مسمى
الإيمان. والإرجاء هو التأخير.
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ﴾ يعني: اتصفوا بالإيمان
الصادق، ظاهرًا وباطنًا.
قال
عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ
إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٞ﴾
[الحجرات: 1] هذه السورة فيها الأدب مع الله، والأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم،
والأدب فيما بين المسلمين بعضهم مع بعض.
أما
الأدب مع الله ورسوله، ففي أول آية: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ
بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ
عَلِيمٞ﴾ [الحجرات: 1].
﴿لَا
تُقَدِّمُواْ﴾ مجزوم بـ«لا الناهية»،
وأصله «تُقَدِّمون»؛ لأنه من الأفعال الخمسة التي تُرْفَع بثبوت النون، وتُنْصَب
وتُجْزَم بحذفها؛ ولذلك حُذِفت النون لأجل الجزم.
ومعنى
﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيِ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ﴾ [الحجرات: 1].
أي:
لا تسبقوا الله ورسوله بحكمٍ من الأحكام، بأن تَحكموا على الأشياء بأنها حلال أو حرام
- قبل أن يَنزل فيها وحي من الله سبحانه وتعالى؛ لأن التحليل والتحريم لله سبحانه
وتعالى، فلا يجوز لأحد أن يَسبق نزول الوحي في الأحكام الشرعية ويُبْدِي رأيه، بل
يَنتظر.
ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سُئِل عن الشيء ولم يَنزل عليه فيه وحي، فإنه ينتظر حتى يَنزل عليه الوحي من الله سبحانه وتعالى.