×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

قال العلماء: وإن زاد فقال: «أشهد أنك قد بَلَّغْتَ الرسالة، وأديتَ الأمانة، ونصحتَ الأمة، وجاهدتَ في الله حق جهاده، فجزاك الله عن أمتك خير ما يَجزي نبيًّا عن أمته» فلا بأس بذلك؛ لأن هذا من أوصافه صلى الله عليه وسلم، وليس فيه غلو. ولو اقتصر على لفظ السلام كفى وحصل المقصود.

﴿وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ [الحجرات: 2]، هذا تأكيد. فإذا خاطبتَ الرسول صلى الله عليه وسلم فلا تجهر؛ احترامًا له صلى الله عليه وسلم، ﴿وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ [الحجرات: 2] فالرسول صلى الله عليه وسلم هو أشرف الخَلْق، أعظم الخلق قدرًا عند الله سبحانه وتعالى، وعند المؤمنين. وفي الجهر له بالقول إساءة أدب معه صلى الله عليه وسلم.

وقد جاء في سبب نزول الآية: أن جماعة من الأعراب من بني حنيفة، وعندهم شيء من الجفاء والجهل، جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان صلى الله عليه وسلم في داخل حجراته مستريحًا، فجعلوا يقولون: «يا محمد، اخرج إلينا» ويرفعون أصواتهم!! فأنزل الله هذه الآيات، فقال فيها: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ [الحجرات: 4] ([1]).

وقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَجۡهَرُواْ لَهُۥ بِٱلۡقَوۡلِ كَجَهۡرِ بَعۡضِكُمۡ لِبَعۡضٍ [الحجرات: 2]؛ هذا كما قال سبحانه وتعالى في الآية الأخرى: ﴿لَّا تَجۡعَلُواْ دُعَآءَ ٱلرَّسُولِ بَيۡنَكُمۡ كَدُعَآءِ بَعۡضِكُم بَعۡضٗاۚ [النور: 63].

وهذا من باب احترامه وتوقيره صلى الله عليه وسلم، والتأدب معه حيًّا وميتًا!! فإن الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كواحد منكم؛ بل هو صلى الله عليه وسلم أرفع الخَلْق قدرًا وشرفًا ومنزلةً عند الله سبحانه وتعالى، وعند عباده المؤمنين.


الشرح

([1])  انظر: تفسير الطبري (22/ 283)، والقرطبي (16/ 309).