×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ [الحجرات: 2] حَذَّرهم من أن هذا الفعل يسبب حبوط الأعمال وبطلان الأعمال؛ لسوء الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم ورَفْع الصوت عنده، والجهر له بالقول. وهذا خطر عظيم.

فيجب التأدب عند مخاطبة الرسول صلى الله عليه وسلم حيًّا وميتًا، وأن لا يُجْهَر له بالقول.

وأشد من ذلك: إذا طَلَب من الرسول صلى الله عليه وسلم ما نهاه عنه، من الاستغاثة به فيما لا يَقْدِر عليه، ودعائه من دون الله... وغير ذلك من الشرك. هذا أشد من الجهر له بالقول.

﴿أَن تَحۡبَطَ أَعۡمَٰلُكُمۡ أي: خَشية أن تَبطل أعمالكم.

وأصل الحبوط في اللغة: الانتفاخ. يقال: حَبِطت الناقة، إذا انتفخ بطنها ثم ماتت ([1]).

والمراد به هنا: بطلان الحسنات والأعمال الصالحة. فسوء الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم يسبب بطلان الحسنات. وهذا خطر عظيم.

﴿وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ فدل على أن الإنسان قد يَحبط عمله وهو لم يتعمد ولم يَدْرِ. أي: أنتم لا تدرون ببطلانها بسبب الجهل.

والواجب على المسلم: أن يتعلم ولا يبقى على جهله؛ فهؤلاء الأعراب وقعوا فيما وقعوا فيه بسبب جهلهم.

ثم إنه سبحانه وتعالى ذَكَر ما حصل من الأعراب، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلۡحُجُرَٰتِ أي: يقولون: «يا محمد، اخرج إلينا» ﴿أَكۡثَرُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ عندهم خفة عقل وعدم رزانة؛ ولذلك لم يتأدبوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم. فدل على أن سوء الأدب من خفة العقل.


الشرح

([1])  انظر مادة (حبط) في: لسان العرب (7/ 270)، وتهذيب اللغة (4/ 228)، ومقاييس اللغة (2/ 129)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 331).