×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ولم يقل: «كلهم لا يعقلون»؛ لأنهم ليسوا على حد سواء، ففيهم مَن يَعقل. والله عز وجل لا يَظلم أحدًا، ولا يُعمِّم الحكم ويُدْخِل البريء مع غيره؛ فهو - سبحانه - الحَكَم العدل.

فدل على أنه لا يجوز التعميم في الأحكام، بل يخص الذين حصل منهم الخطأ، ولا يعمم هذا على غيرهم.

وصح في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَرۡفَعُوٓاْ أَصۡوَٰتَكُمۡ فَوۡقَ صَوۡتِ ٱلنَّبِيِّ [الحجرات: 2] إِلَى آخِرِ الآْيَةِ، جَلَسَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَيْتِهِ، وَقَالَ: أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَاحْتَبَسَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ، فَقَالَ: «يَا أَبَا عَمْرٍو، مَا شَأْنُ ثَابِتٍ؟ اشْتَكَى؟» قَالَ سَعْدٌ: إِنَّهُ لَجَارِي، وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى، قَالَ: فَأَتَاهُ سَعْدٌ، فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ ثَابِتٌ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآْيَةُ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتًا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» ([1]).

فشَهِد له صلى الله عليه وسلم بالجنة، فهو من المشهود لهم بالجنة، وقد استُشهد رضي الله عنه في واقعة اليمامة، في حرب مُسَيْلِمة، فوقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من نهاية حياة هذا الصحابي الجليل بالشهادة في سبيل الله سبحانه وتعالى !! ([2]).

فالمؤمن يكون عنده حساسية حينما يسمع الوعيد، فإنه يَحذر ويحاسب نفسه؛ لئلا يقع في هذا الوعيد.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3613)، ومسلم رقم (119) واللفظ له.

([2])  كما في الحديث الذي أخرجه: أحمد رقم (12399).