×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

لكن التجسس الذي يترتب عليه مصلحة؛ كرجال الحسبة ورجال الأمن، إذا كان هناك عصابات سيئة، وهناك بيوت فساد وبيوت دعارة، فلابد أنهم يتجسسون على هذه الأماكن، لابد أن يراقبوها لأجل وقاية المسلمين من شرها.

فإذا كان التجسس يترتب عليه مصالح أعظم وأكثر، فإنه جائز. أما إذا كان التجسس لا يترتب عليه إلاَّ مضار أو مصالح قليلة، فإنه حرام.

قالوا: والفرق بين التجسس والتحسس: أن «التحسس» يكون في الخير. وأما «التجسس» فيكون في الشر؛ ولهذا قال يعقوب عليه السلام لبنيه: ﴿يَٰبَنِيَّ ٱذۡهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَاْيۡ‍َٔسُواْ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ لَا يَاْيۡ‍َٔسُ مِن رَّوۡحِ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ [يوسف: 87].

ثم قال عز وجل: ﴿وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ [الحجرات: 12] هذا سبب آخر من أسباب فساد المجتمع، وهو فُشُو الغِيبة بين الناس.

«الغِيبة» ما هي؟ فَسَّرها النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح، فقال: «أَتَدْرُونَ مَا الْغِيبَةُ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: «ذِكْرُكَ أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ» قِيلَ أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ، فَقَدِ اغْتَبْتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» ([1])، يعني: كَذَبْتَ عليه. فأنت لا تخلو: إما أن تكون مغتابًا، أو كذابًا. لا تخلو من هذا.

إلا أنه يُستثنى من ذلك ذكر مساوئ الشخص؛ من أجل التظلم وطلب الإنصاف منه عند القاضي أو عند الحاكم، فتقول: «فلان أَكَل حقي»، «فلان ظالم» لا بأس.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2589).