قال
عز وجل: ﴿فَأَصۡلِحُواْ
بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾ [الحجرات: 9] أي: إذا ترتب على القتال الذي دار بين الفئة
العادلة والفئة الباغية - أضرار فإنه تُصْلَح آثار القتال المترتبة عليه، تُصْلَح
بالعدل بين الطائفتين. فدل على أن الصلح لا بد أن يكون بالعدل، لا يكون معه حيف.
·
إذًا فالصلح يُشترَط فيه شرطان:
أولاً:
أن يكون بالعدل، دون انحياز إلى فئة دون فئة.
ثانيًا:
أن يكون بالتراضي بين الطرفين.
وقوله
تعالى: ﴿وَأَقۡسِطُوٓاْۖ﴾تأكيد لقوله: ﴿فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ﴾ فهذا من باب التأكيد بأن يكون الصلح عادلاً دون تحيز مع
بعض الفئتين.
أما
القسط فمعناه الجَوْر والظلم، من الفعل الثلاثي «قَسَط» يعني: جَارَ وظَلَم، قال
سبحانه وتعالى: ﴿وَأَمَّا ٱلۡقَٰسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَبٗا﴾ [الجن: 15].
وأما
الإقساط الرباعي المزيد، فإن معناه العدل، «إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ
عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ» ([1])؛
كما جاء في الحديث. وفي رواية: «الْمُقْسِطُونَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنَابِرَ
مِنْ لُؤْلُؤٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ يَدَيِ الرَّحْمَنِ بِمَا أَقْسَطُوا
فِي الدُّنْيَا» ([2])،
فالمقسطون لهم أجر عظيم؛ لهذا قال: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾ [الحجرات: 9].
هذا فيه وَصْف الله عز وجل بأنه يحب أهل الطاعات وأهل الإنصاف والعدل. وفي مفهوم ذلك أن الله يُبْغِض غير المقسطين، وهم الظَّلَمة الجائرون.
([1]) أخرجه: مسلم رقم (1827).