ودلت
الآية الكريمة على مسألة عظيمة، وهي أن مرتكب الكبيرة من
المؤمنين، التي دون الشرك بالله - أنه لا يَكفر، وقَتْل النفس لا شك أنه كبيرة من
كبائر الذنوب، بل هو كبيرة غليظة، ومع هذا لم يَحكم على هؤلاء بالكفر، بل قال: ﴿وَإِن
طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ﴾
[الحجرات: 9] حَكَم بأنهما من المؤمنين وليسوا من الكافرين، فدل على أن قتل المؤمن
بغير حق وإن كان جريمة غليظة - إلاَّ أنه لا يُخْرِج صاحبه من الملة، لكنه يَنقص
إيمانه. وهذا مذهب أهل السُّنة والجماعة.
ودلت
الآية: على وجوب العدل في الحكم بين الناس والإصلاح بينهم،
وعدم التحيز وعدم المحاباة لأحد الخَصْمين، وأن يكون الدافع للمصلح هو تسوية
النزاع. فدل على وجوب العدل.
ودل
على وصف الله عز وجل بأنه يُحِب وأنه يُبْغِض وأنه يَكره وأنه يَغضب وأنه يَسخط،
أفعال من أفعال الله عز وجل تليق بجلاله، وليست كصفات المخلوقين؛ كما هو معلوم.
ودلت
الآية الكريمة: على الاهتمام بشئون المسلمين، وأنه يجب على
المسلمين أن يُصْلِحوا بين المتنازعين والمتقاتلين والمختلفين؛ ولهذا جَعَل الله
للغارمين في الإصلاح نصيبًا من الزكاة ولو كانوا أغنياء، فمن مصارف الزكاة إعطاء
الغارمين.
·
فالغارم على قسمين:
القسم الأول: غارم لإصلاح ذات البين، وهو ما يسمى «الغارم لغيره»، فهذا يُعْطَى من الزكاة ولو كان غنيًّا؛ لئلا تُجْحِف الغرامة بماله، إذا تَحَمَّل حَمَالة لأجل أن يُصْلِح بين الناس، فإنه لا يُتْرَك يتحملها وحده بل يعان عليها.