يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغۡفِرۡ
لَنَا وَلِإِخۡوَٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلۡإِيمَٰنِ وَلَا تَجۡعَلۡ فِي
قُلُوبِنَا غِلّٗا لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَآ إِنَّكَ رَءُوفٞ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر: 10].
﴿وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ﴾ اتقوا الله بفعل أوامره، وتَرْك نواهيه، ﴿لَعَلَّكُمۡ
تُرۡحَمُونَ﴾ يعني: رجاء أن تنالوا رحمة
الله سبحانه وتعالى.
فرحمة
الله إنما تُنال بالتقوى، وهي أن تَفعل ما أَمَرك الله به،
وأن تَترك ما نهاك الله عنه؛ طمعًا في ثوابه، وخوفًا من عقابه، على نور من الله
سبحانه وتعالى. هذه هي التقوى، سُميت «تقوى» لأنها تقي من عذاب الله ومن غضب الله.
فدل
على وصف الله عز وجل بالرحمة، ومن أسمائه: «الرحمن الرحيم» وهما يتضمنان صفة من
صفات الله عز وجل، وهي الرحمة.
فدل
ذلك على أن رحمة الله إنما تُنال بأسبابها، وهي تقوى الله سبحانه وتعالى.
ثم
قال عز وجل: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ﴾
لما انتهى من ذكر أكبر ما يُفرِّق بين المسلمين وهو الاقتتال، انتقل إلى نوع آخَر
من أنواع الأسباب المُفرِّقة بين المسلمين، وهي سخرية بعضهم من بعض، فقال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ لَا يَسۡخَرۡ قَوۡمٞ مِّن قَوۡمٍ﴾.
ناداهم باسم الإيمان؛ مما يدل على أن المؤمن لا يليق به أن يَسخر من أخيه، إن كان أقل منه مرتبة، أو أقل منه مكانة، أو أقل منه هيئة، أو أفقر منه، فإنه لا يَسخر منه؛ لأنه مؤمن، والمؤمن كريم على الله سبحانه وتعالى. قال صلى الله عليه وسلم: «رُبَّ أَشْعَثَ، مَدْفُوعٍ بِالأَْبْوَابِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لَأَبَرَّهُ» ([1]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2622).