أتقى
لله فهو أكرم عند الله، سواءً كان عربيًا أو عجميًا أو فارسيًا أو أبيض أو أسود،
ليس العبرة باللون، وليست العبرة بالقبيلة والنسب، وإنما العبرة عند الله بالتقوى،
أما الناس فالأكرم عندهم هو ذو النسب، أو ذو المال، الناس عندهم اعتبارات
للأكرمين، ولكن الاعتبار عند الله غير ذلك، الاعتبار عند الله بالتقوى؛ ولهذا فضل
الله سادات المهاجرين الذين ليس لهم نسب عربي؛ كبلال بن رباح رضي الله عنه وهو عبد
حبشي، وسلمان الفارسي رضي الله عنه وهو من فارس، وصهيب الرومي رضي الله عنه من سبي
الروم وقيل إنه عربي، ولكن سمي الرومي للونه، لأن لونه أحمر رضي الله عنه، وهؤلاء
من سادات المؤمنين والمهاجرين، وصار أبو لهب في أسفل سافلين، مع أنه من أشرف العرب
نسبًا هو وأبو جهل، وأبو لهب عم الرسول صلى الله عليه وسلم من بني هاشم، ومع هذا أنزل
الله فيه قرآنًا يُتلى إلى يوم القيامة، قال سبحانه وتعالى: ﴿تَبَّتۡ يَدَآ
أَبِي لَهَبٖ وَتَبَّ ١ مَآ أَغۡنَىٰ عَنۡهُ مَالُهُۥ وَمَا كَسَبَ ٢ سَيَصۡلَىٰ نَارٗا ذَاتَ لَهَبٖ ٣﴾ [المسد: 1- 3]، ما نفعه نسبه، لما لم يكن متقيًا لله
سبحانه وتعالى، ولا ضر بلالاً وعمارًا وسلمان رضي الله عنهم أنهم ليس لهم نسب
عربي، وإنما نسبهم التقوى، هذا نسبهم؛ ولهذا يقول أبو بكر رضي الله عنه وكان من
الموالي ([1]):
أبي
الإسلام لا أب لي سواه |
|
إذا افتخروا بقيس أو تميم |
إذ لا يفخر أحد على أحد بنسبه، فربما يكون الذي ليس له نسب عربي أفضل من أقحاح العرب، وأشراف العرب، فالعبرة عند الله سبحانه وتعالى بالتقوى، ثم هل التقوى بالدعوى؟!! كل يدعي أنه تقي وأنه مؤمن
([1]) ذكر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في (الأضواء): (7/ 635) أنه ينسب إلى سلمان الفارسي، وانظر: (الكامل) للمبرد: (3/179).