ضعيف الإيمان، والمؤمن
الفاسق، ويدخل فيه المنافق الذي ليس في قلبه إيمان، فالإسلام أوسع، وهؤلاء ليسوا
منافقين، لكنهم تسرعوا وادعوا لأنفسهم درجة لم يصلوا إليها، فأنكر الله عليهم،
فالإنسان لا يمدح نفسه بما ليس فيها.
قال سبحانه وتعالى: ﴿قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُواْ وَلَٰكِن قُولُوٓاْ أَسۡلَمۡنَا﴾ [الحجرات: 14] أي: استسلمنا وانقدنا وهذا في البداية، والإيمان ينمو في القلوب ويزداد، ولا يأتي دفعة واحدة، إنما يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، فهذا دليل على الفرق بين الإسلام والإيمان؛ لأن الله أنكر على من ادعى الإيمان، قد أثبت له الإسلام، فدل على الفرق بينهما، فهم مسلمون ومؤمنون، لكنهم ناقصو الإيمان، فإذا كان الإسلام معه إيمان ولو ضعيفًا فهو إسلام حقيقي، أما إذا كان ليس معه إيمان أصلا فإنه نفاق خالص والعياذ بالله، فالمسلم الذي إيمانه ضعيف، أو حديث عهد بالإسلام لا يدعي لنفسه الكمال، ويجعل نفسه في مرتبة السابقين الأولين فهو لم يصل إلى هذه الدرجة، فهذا فيه النهي عن تزكية النفس، وفيه الفرق بين الإسلام والإيمان، وأن الإنسان يقال له: مسلم، ولا يقال له: مؤمن؛ ولهذا لما قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه للرسول صلى الله عليه وسلم حين: «قَسَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَسْمًا»، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِ فُلاَنًا فَإِنَّهُ مُؤْمِنٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَوْ مُسْلِمٌ» أَقُولُهَا ثَلاَثًا، وَيُرَدِّدُهَا عَلَيَّ ثَلاَثًا «أَوْ مُسْلِمٌ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ، وَغَيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَكُبَّهُ اللهُ فِي النَّارِ» ([1])، فأثبت له الإسلام ولم يثبت له الإيمان؛ لأن الإيمان أعلى من الإسلام، ولهذا في حديث جبريل عليه السلام لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم سأله أولا عن الإسلام فأخبره بحقيقة الإسلام، ثم سأله عن الإيمان فأخبره بحقيقة الإيمان، ثم سأله عن الإحسان فأخبره بحقيقة
([1]) أخرجه: البخاري رقم (27)، ومسلم رقم (150).