وكتب
الله كل شؤونهم، ولا ينسى أحدًا منهم، ﴿لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّٗا ٩٤ وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ
فَرۡدًا ٩٥﴾ [مريم:
94- 95]، لا يتخلف منهم أحدٌ أبدًا؛ قال عز وجل: ﴿بَلۡ
كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ﴾
[ق: 5] هذا التكذيب الثالث منهم.
الأول:
كذبوا ببعثة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه منهم، فكيف يصير رسولاً وهو منهم؟
ولماذا لم يرسلنا رسلاً مثله؟ يقول الله عز وجل: ﴿ٱللَّهُ
أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾
[الأنعام: 124]، والرسالة لا تحصل بالكسب، أو بالذهن، أو بالحذق، إنما تحصل بالاصطفاء
من الله عز وجل، وهو الذي يختار لرسالته من يصلح لها، ﴿ٱللَّهُ
أَعۡلَمُ حَيۡثُ يَجۡعَلُ رِسَالَتَهُۥۗ﴾،
وقال سبحانه وتعالى: ﴿ٱللَّهُ يَصۡطَفِي مِنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ رُسُلٗا وَمِنَ ٱلنَّاسِۚ﴾ [الحج: 75] فهو سبحانه وتعالى الذي يصطفي، والرسالة
ليست مكتسبة، مهما بلغ الإنسان من الحذق، والعلم، وقوة الفهم، والإدراك، فإنه لا
يكون رسولاً، إنما هذا باختيار الله، واصطفائه سبحانه وتعالى، وهو أعلم بمن يصلح
للرسالة، ويقوم بها.
الثاني
تكذيبهم بالبعث: وقالوا: كيف إذا صرنا ترابًا نُعاد مرة ثانية،
ونرجع إلى الحياة؟
الثالث تكذيبهم بالقرآن: ﴿بَلۡ كَذَّبُواْ بِٱلۡحَقِّ﴾، وهو القرآن العظيم لما جاءهم، وقالوا: هذا القرآن ليس كلام الله أبدًا، وإنما هو أساطير الأولين كتبها محمد، ﴿وَقَالُوٓاْ أَسَٰطِيرُ ٱلۡأَوَّلِينَ ٱكۡتَتَبَهَا فَهِيَ تُمۡلَىٰ عَلَيۡهِ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلٗا ٥ قُلۡ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعۡلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ غَفُورٗا رَّحِيمٗا ٦﴾ [الفرقان: 5- 6] وقالوا: هذا القرآن شعر، وفصحاؤهم، وبلغاؤهم، وشعراؤهم ما استطاعوا أن يأتوا بسورة من مثله، فلو كان