ورد الله عليهم بأن الله
سبحانه وتعالى يعلم هذا التراب المتحلل ويحفظه، ولا يضيع في الأرض، بل هذا التراب
محفوظ، ويُعَذب، أو يُنعم في القبر، وهو تراب، والله على كل شي قدير، قال عز وجل: ﴿قَدۡ عَلِمۡنَا
مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ﴾
أي: من أجسادهم، وأنها تتحول إلى تراب، هذا يعلمه الله سبحانه وتعالى، لا يخفى
عليه، ولا يضيع، وأيضا هذا مكتوب في اللوح المحفوظ ﴿وَعِندَنَا
كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ﴾ فاحتج
عليهم بأمرين:
الأول:
علم الله المحيط بكل شيء الذي لا يضيع منه شيء.
الثاني:
الكتاب الذي حفظ الله به الأعمال، وكتب فيه كل شيء مما كان، وما يكون.
إذَا فلا يُستغرب أن الله يعيد التراب أجسامًا، ويعيده إلي لحم، وعظام، وعروق، ثم يقوم الإنسان من قبره، قال سبحانه وتعالى: ﴿ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ﴾ [الزمر: 68] وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَعُرِضُواْ عَلَىٰ رَبِّكَ صَفّٗا لَّقَدۡ جِئۡتُمُونَا كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةِۢۚ بَلۡ زَعَمۡتُمۡ أَلَّن نَّجۡعَلَ لَكُم مَّوۡعِدٗا﴾ [الكهف: 48] وقال ﴿وَلَقَدۡ جِئۡتُمُونَا فُرَٰدَىٰ كَمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ أَوَّلَ مَرَّةٖ﴾ [الأنعام: 94] فيأتي الإنسان كامل الخلقة حتى القلفة التي قطعت من ذكره تعود، وتكون في مكانها ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَلَّن نَّجۡمَعَ عِظَامَهُۥ﴾ [القيامة: 3] التي تفرقت، ونخرت أيحسب أن الله غير قادر على جمعها ﴿بَلَىٰ﴾ نجمعها، ﴿قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ﴾ [القيامة: 4] نسوي الأصابع كما كانت، والأنامل كما كانت، ولا ينقص شيء من جسم هذا الإنسان، وهذا ليس بغريب على قدرة الله سبحانه وتعالى قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَن تَقُومَ ٱلسَّمَآءُ وَٱلۡأَرۡضُ بِأَمۡرِهِۦۚ ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمۡ دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ﴾ [الروم: 25] دعوة يدعوها واحدة فيقوم الناس من القبور.