×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

الطائف، أو مكة ﴿عَظِيمٍ أما إنه يتيم، وفقير، ويُبعث إلينا فلا نطيعه، هكذا يقولون، وهذه اعتراضاتهم السمجة.

قال عز وجل: ﴿أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗاۖ يقولون: هل يُعاد التراب، ويكون بشرًا؟ سبحان الله، وفي الأول ألم يكونوا ترابًا، أليس آدم مخلوقًا من تراب؟ ثم أيضًا أنتم من ماذا خلقتم؟ من ماء مهين، ولم تكونوا موجودين من قبل أصلاً، فكيف تتعجبون من الإعادة، ولا تتعجبون من البداية، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي يَبۡدَؤُاْ ٱلۡخَلۡقَ ثُمَّ يُعِيدُهُۥ وَهُوَ أَهۡوَنُ عَلَيۡهِۚ وَلَهُ ٱلۡمَثَلُ ٱلۡأَعۡلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ [الروم: 27].

﴿أَءِذَا مِتۡنَا وَكُنَّا تُرَابٗاۖ، أي: تحللت أجسامنا، وصارت ترابًا بدل أن كانت لحمًا، فكيف تُعاد، وهي متحولة إلى تراب؟ وفي الآية الأخرى: ﴿وَضَرَبَ لَنَا مَثَلٗا وَنَسِيَ خَلۡقَهُۥۖ قَالَ مَن يُحۡيِ ٱلۡعِظَٰمَ وَهِيَ رَمِيمٞ ٧٨ قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ ٧٩ [يس78- 79]، فلماذا تتعجبون من البعث، ولا تتعجبون من البداية؟ هذا إفحام لهم، وهذا دليل عقلي أن الذي قدر على البداية من لا شيء، قدر على الإعادة من تراب الأجسام من باب أولى، فهو أهون عليه من نظر العقول، ولكن الله لا يعجزه شيء سبحانه وتعالى، وهذا من باب المناظرة، والمجادلة لهم.

قالوا: ﴿ذَٰلِكَ رَجۡعُۢ بَعِيدٞ أي: بعث بعيد وقوعه، ولا يمكن هذا أن يكون فلم يصدقوه، دون نظر إلى البراهين، والأدلة، وإنما استغربوا بعقولهم، وقاسوا قدرة الله سبحانه وتعالى على قدرتهم، وتصوراتهم، ولم يقدروا الله حق قدره، ولم يعرفوا عظمته، وأنه سبحانه وتعالى لا يعجزه شيء، وأنه على كل شي قدير، فلم يؤمنوا بهذا.


الشرح