×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

 ﴿بَلۡ عَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡ بتقدير من، أي: ﴿عجبوا من أن جاءهم، فيكون ﴿أَن، وما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بتقدير «من»، ﴿أَن جَآءَهُم أي: عجبوا من أن جاءهم منذر منهم، أو تكون تعليلية، عجبوا لمجيء منذر منهم.

والمنذر هو: محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا ينكرون رسالته، ويقولون: لا يمكن أن تكون الرسالة من بشر، قال سبحانه وتعالى مخبرًا عن قولهم: ﴿لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ أَوۡ نَرَىٰ رَبَّنَاۗ [الفرقان: 21]، بلغ بهم العناد إلى أن يقولوا: نحن ما نقتاد لبشر مثلنا، وإنما لو جاءنا ملك من الملائكة.

وقوله: ﴿مِّنۡهُمۡ أي: من جنسهم، فهو عربي ينطق بلغتهم، ويعرفون نسبه، وليس أجنبيًا حتى يقولوا: ما نعرفه، وما ندري هل هو صادق، أو غير صادق؟، هل هو أمين، أو غير أمين؟، فهم يعرفونه، وهو منهم، عاش بينهم، ويعرفون أمانته، ويعرفون نشأته، ويعرفون نسبه صلى الله عليه وسلم، ليس بإنسان يجهلونه حتى يتوقفوا عن خبره.

وهذه حكمة الله أنه يبعث رسل إليهم؛ لأجل أن يتفاهم معهم، ويخاطبهم، ويروه، أما الملك فلا يطيقون الاجتماع معه، ولا رؤيته، والملك يرسل إلى الملائكة من جنسه، والبشر يرسل إليهم بشر من جنسهم، فهذا من رحمة الله أنه جعل الأنبياء من بني آدم، ويقولون: لماذا خُص من بيننا؟ نحن أولى بالرسالة منه، والله عز وجل يقول: ﴿قَالُواْ لَن نُّؤۡمِنَ حَتَّىٰ نُؤۡتَىٰ مِثۡلَ مَآ أُوتِيَ رُسُلُ ٱللَّهِۘ [الأنعام: 124]، هذا من اعتراضاتهم، ﴿أَبَشَرٗا مِّنَّا وَٰحِدٗا نَّتَّبِعُهُۥٓ [القمر: 24]، وأحيانًا يقولون محمد ما هو بكفء، إنه يُبعث وهو يتيم، وفقير، لو أنه أرسل إلينا واحدًا من العظماء﴿وَقَالُواْ لَوۡلَا نُزِّلَ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانُ عَلَىٰ رَجُلٖ مِّنَ ٱلۡقَرۡيَتَيۡنِ عَظِيمٍ، [الزخرف: 31]


الشرح