وهو
كما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ومثل هؤلاء من نفي القرآن كلام الله من
الجهمية والمعتزلة والأشاعرة وأضرابهم وقالوا إنه مخلوق أو أنه عبارة عن كلام الله
أو حكاية.
قال
عز وجل: ﴿فَهُمۡ فِيٓ
أَمۡرٖ مَّرِيجٍ﴾ [ق: 5]
لما كذبوا بالحق كان شأنهم أن كانوا في أمر مريج، فوقعوا في الاختلاف، وكل يدعي
رأيا، ويقول قولا، ويظن ظنًا، فاختلفت أقوالهم، فدل على أنهم على باطل؛ لأنهم لو
كانوا على الحق لما يختلفوا، فإن الحق لا يُختلف فيه، أما أهل الباطل فهم الذين
بينهم خلاف، وقد تقول: أليس علماء المسلمين يجتهدون، ويحصل بينهم خلاف في المسائل؟
تقول: نعم، يجتهدون، ولكن يردون اجتهادهم إلى الكتاب، والسنة، فمن شهد له القرآن،
والسنة أنه حق أخذوا به، وتركوا الرأي الآخر، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَإِن
تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ﴾
[النساء: 59]، وقال: ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ
إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ [الشورى: 10].
أما هؤلاء ﴿فَهُمۡ فِيٓ أَمۡرٖ مَّرِيجٍ﴾ أي: مختلط مختلف، ﴿إِنَّكُمۡ لَفِي قَوۡلٖ مُّخۡتَلِفٖ ٨ يُؤۡفَكُ عَنۡهُ مَنۡ أُفِكَ ٩﴾ [الذاريات: 8- 9]، ولو أنهم آمنوا بالحق لما وقعوا في الاختلاط، ولما وقعوا في الباطل، ولما وقعوا في النزاعات؛ لأن القرآن يهدي للتي هي أقوم، ويُبين القول الحق من القول الباطل، ويفصل بين الناس، ويحكم بينهم فيما اختلفوا فيه، لكن هؤلاء لما كذبوا بالحق ابتلوا بالباطل، ووقعوا في متاهات، و﴿كُلُّ حِزۡبِۢ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53]، وكل حزب يكفر الآخر ويضلله؛ لأنهم كلهم ليسوا على حق، وليس لهم مرجع يحكم بينهم، ويُبين الحق من الباطل؛ كما هو عند المسلمين، فالمسلمون وإن اختلفوا فإنهم يرجعون إلى الكتاب،