والسنة فيحكم بينهم بالحق،
ويُرد على المخالف، وكان اختلافهم عن اجتهاد طلبًا للحق، ولم يوفقوا كتب الله لهم
الأجر على اجتهادهم، وتحريهم للحق، أما الكفار فإنهم ليسوا كذلك، ليس لهم مرجع؛
ولذلك كل يركب رأسه، وكل يقول قولاً يخالف القول الآخر، وهكذا كل من ترك الحق فإنه
يُبتلي بالباطل، ومن رجع إلى الحق فإنه يُرزق الثبات، أما من أعرض عن الحق فإنه
يُبتلي بالاختلاف، والتفرق، ويُبتلي بالباطل - والعياذ بالله -، ولم يستقر لهم
قرار، وإنما يتخبطون في أقوالهم، وأهوائهم، وهذا شأنهم إلى أن تقوم الساعة، ما داموا
لم يؤمنوا بالحق، ويرجعوا إلى الحق، فإنهم في تخبط، وهذا هو واقع الدول الكافرة
اليوم، وواقع الديانات الباطلة، والنحل المخترعة، هم في خلاف، وفي شجار، وفي خصام،
وكلهم على باطل - والعياذ بالله -، ولا يُرجى لهم خير أبدًا ماداموا كذلك.
ثم إنه سبحانه وتعالى لما ذكر مواقفهم الثلاثة من الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن البعث، ومن القرآن آتي بالأدلة، والبراهين العقلية القاطعة على صدق ما جاء به هذا الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء به هذا القرآن، وعلى أن البعث حق، قال سبحانه وتعالى: ﴿أَفَلَمۡ يَنظُرُوٓاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوۡقَهُمۡ﴾ هل أحد يكذب بالسماء؟ السماء فوقك ﴿كَيۡفَ بَنَيۡنَٰهَا﴾ من الذي بناها سبع طباق؟، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱلسَّمَآءَ بَنَيۡنَٰهَا بِأَيۡيْدٖ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ٤٧ وَٱلۡأَرۡضَ فَرَشۡنَٰهَا فَنِعۡمَ ٱلۡمَٰهِدُونَ ٤٨﴾ [الذاريات: 47- 48] وقال: ﴿ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ فِرَٰشٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ﴾ [البقرة: 22] أي: سقفًا، ولم ينظروا إلى السماء فوقهم، فأين ذهبت فالسماء فوقك، هل تذهب لجهة ليس بها سماء؟ هل أحد ذكر أنه خرج عن السماء؟ ما أحد ذكر هذا، السماء لأنها محيطة، وواسعة ﴿فَوۡقَهُمۡ كَيۡفَ بَنَيۡنَٰهَا﴾، وأيضًا هي فوقهم، والعادة أن