رَيۡبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢﴾ [السجدة: 1- 2]، وغالبًا
يأتي ذكر الكتاب، والقرآن بعد ذكر الحرف، أو الحروف المقطعة إشارة إلى الإعجاز،
وهذا القول قريب، وواضح.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَٱلۡقُرۡءَانِ﴾ وهذا قسم من الله سبحانه وتعالى، والواو من حروف القسم؛
لأن حروف القسم ثلاثة: الواو، والباء، والتاء، تالله، بالله، والله، هذه حروف
القسم، وهنا جاءت الواو ﴿وَٱلۡقُرۡءَانِ﴾؛
ولهذا صار الاسم مجرورًا بعدها؛ لأن المقسم به يجر بواو القسم، ﴿وَٱلۡقُرۡءَانِ﴾، وهذا فيه دليل على أن القرآن كلام الله، وكلامه سبحانه
وتعالى صفة من صفاته، فيجوز الإقسام بالقرآن؛ لأنه من كلام الله عز وجل، وكلام
الله صفة من صفاته، فهذا دليل على أن القرآن كلام الله، غير مخلوق - كما تقوله
الجهمية -؛ لأنه لا يجوز الحلف بالمخلوق، وإن كان الله عز وجل له أن يقسم بما شاء،
فأقسم بالمخلوقات في كثير من الآيات، ولكن هذا خاص بالله عز وجل، أما المخلوق فلا
يجوز له أن يحلف إلاَّ بالله، أو بصفة من صفاته، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ
كَانَ حَالِفًا، فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1]).
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، وَمَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ» ([2])، وَعَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ سَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ: لاَ وَالكَعْبَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لاَ يُحْلَفُ بِغَيْرِ اللهِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» ([3]).
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2679)، ومسلم رقم (1646).