وقال
سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكۡفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ
وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيۡنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦ وَيَقُولُونَ نُؤۡمِنُ
بِبَعۡضٖ وَنَكۡفُرُ بِبَعۡضٖ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيۡنَ ذَٰلِكَ
سَبِيلًا ١٥٠ أُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡكَٰفِرُونَ حَقّٗاۚ
وَأَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٗا مُّهِينٗا ١٥١﴾
[النساء: 150، 151].
فلابد
من الإيمان بجميع الرسل، ولابد من الإيمان بجميع الكتب المُنزَّلة من عند الله
سبحانه وتعالى. فمَن كَفَر بكتاب واحد فهو كافر بجميع الكتب، ومَن كَفَر بنبي واحد
فهو كافر بجميع الأنبياء.
قوله
سبحانه وتعالى: ﴿فَحَقَّ وَعِيدِ﴾
أي: وقع بهم الوعيد الذي تَوَعَّد الله به مَن كَذَّب الرسل وهو الهلاك، فأهلكهم
الله سبحانه وتعالى عن آخرهم. فأين قوم نوح؟ وأين قوم عاد؟ وأين ثمود؟ وأين الأمم
التي كَذَّبت رسلها؟ أين هم؟
وهؤلاء
الذين كَذَّبوا محمدًا صلى الله عليه وسلم سيأتيهم ما أتى على غيرهم إذا لم
يؤمنوا، وقد وقع بهم ذلك، فالله سلط عليهم رسوله والمؤمنين، فغَزَوْهم وقاتلوهم
حتى نَصَرهم الله عليهم، وأذلهم الله سبحانه وتعالى، فحَقَّ عليهم الوعيد، والعياذ
بالله.
ثم قال عز وجل: ﴿أَفَعَيِينَا﴾، أي: أفعَجَزنا، ﴿بِٱلۡخَلۡقِ ٱلۡأَوَّلِۚ﴾حتى إنكم تُكذِّبون بالبعث ﴿بَلۡ هُمۡ فِي لَبۡسٖ مِّنۡ خَلۡقٖ جَدِيدٖ﴾ وهو البعث، هل الله عز وجل عَجَز عن الخلق الأول وهو الإيجاد من العدم - حتى يعجز عن الإعادة؟ فالذي قَدَر على البَداءة قادر على الإعادة، ﴿بَلۡ هُمۡ فِي لَبۡسٖ﴾ أي: شَكٍّ ﴿مِّنۡ خَلۡقٖ جَدِيدٖ﴾، ليس للَّبْس داعٍ ولا للشك، هذا شيء واضح وبرهان قاطع، أن الذي أوجد الناس من العدم قادر على أن يوجدهم بعد الموت من باب أَوْلى.