من رحمته بعباده عز وجل،
التنزيل على الصفة دليل على قدرة الله عز وجل، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا
نُنَزِّلُهُۥٓ إِلَّا بِقَدَرٖ مَّعۡلُومٖ﴾
[الحجر: 21].
هذه
السحب، ساقها ودبرها سبحانه وتعالى، وهذا من العجائب أن الماء ينزل من السماء،
وينزل بقدرة قادر، ولا يتدفق، أو ينصب، إنما ينزل بمقادير محددة، والمراد بالسماء
السحاب المسخر بين السماء والأرض.
وقال:
﴿مُّبَٰرَكٗا﴾ البركة: ثبوت الخير، فهذا الماء فيه خير، وليس ماءً
مسلوب البركة، والمنفعة، وإنما فيه منفعة عظيمة، ومن بركته أنه يغذي الأشجار،
ويملأ الآبار، ويشرب منه الناس لأنفسهم، ودوابهم، وزروعهم فهذا من بركة هذا الماء،
ويخزنه الله في الأرض لحاجة الناس، فهذا من عظيم قدرة الله عز وجل، وكذلك هذا
الماء مبارك من ناحية أثره على الجسم؛ ولهذا كان صلى الله عليه وسلم في أول المطر
يحسر عن رأسه صلى الله عليه وسلم ويترك المطر ينزل عليه، ويقول: «إِنَّهُ
حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» ([1])،
فأودع الله فيه من المنافع ما لا يعلمه إلاَّ الله سبحانه وتعالى، قال سبحانه
وتعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِيٓ
أَرۡسَلَ ٱلرِّيَٰحَ بُشۡرَۢا بَيۡنَ يَدَيۡ رَحۡمَتِهِۦۚ وَأَنزَلۡنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ
مَآءٗ طَهُورٗا ٤٨ لِّنُحۡـِۧيَ بِهِۦ
بَلۡدَةٗ مَّيۡتٗا وَنُسۡقِيَهُۥ مِمَّا خَلَقۡنَآ أَنۡعَٰمٗا وَأَنَاسِيَّ
كَثِيرٗا ٤٩ وَلَقَدۡ صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ
لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا كُفُورٗا ٥٠﴾ [الفرقان: 48- 50].
أي:
ينزل على هذا، ويمتنع من هذا بأمر الله سبحانه وتعالى، ﴿وَلَقَدۡ
صَرَّفۡنَٰهُ بَيۡنَهُمۡ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰٓ أَكۡثَرُ ٱلنَّاسِ إِلَّا
كُفُورٗا﴾ [الفرقان: 50].
قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَنۢبَتۡنَا بِهِۦ جَنَّٰتٖ﴾ لا ينبت النبات بمجرد نزول المطر، إنما نزول المطر سبب للإنبات، وأما المسبب، والمنبت فهو الله سبحانه وتعالى،
([1]) أخرجه: مسلم رقم (898).