النفخة
الثالثة: نفخة البعث، قال: سبحانه وتعالى: ﴿ثُمَّ نُفِخَ
فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ﴾
[الزمر: 68] ﴿قِيَامٞ﴾ من قبورهم، أعادهم الله سبحانه وتعالى فقاموا من قبورهم
على هيئاتهم في الدنيا، لا يَنقص من أجسامهم شيء، وليس عليهم ثياب، غُرْل ([1])،
أي: غير مختونين، يقومون من قبورهم هكذا.
وجاء
في الحديث: «بَيْنَ النَّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ» ([2])،
أربعون سنة، أربعون ساعة، الله أعلم، لا يُعلم ما هذه الأربعون، لكن بينهما وقت؛
ولذلك جاء بـ ﴿ثُمََّ﴾ التي هي للتراخي، ﴿ثُمَّ نُفِخَ
فِيهِ أُخۡرَىٰ فَإِذَا هُمۡ قِيَامٞ يَنظُرُونَ﴾
[الزمر: 68].
إذًا
تَنبت الأجسام قبل هذه النفخة الأخيرة - في القبور، وتُبْنَى وتتكامل، إلاَّ أنها
ليس فيها حياة، لكن تقوم على أقدامها من القبور، مثل ما يَنبت العشب والأشجار
تمامًا.
فإذا
نَفَخ إسرافيل في الصور النفخة الثالثة، طارت كل رُوح إلى بدنها، فدخلت فيه، بأمر
الله سبحانه وتعالى.
ثم
يؤمرون بالسير إلى المحشر، قال سبحانه وتعالى: ﴿يَوۡمَ
يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ﴾
أي: من القبور، ﴿سِرَاعٗا﴾أي:
يُسرعون ﴿كَأَنَّهُمۡ
إِلَىٰ نُصُبٖ﴾ أي: إلى عَلَم، ﴿يُوفِضُونَ﴾ [المعارج: 43] أي: يُسْرِعون، لا أحد يتخلف، ولا أحد
يجلس، ولا أحد يهرب، كلهم يسيرون.
فقوله
سبحانه وتعالى: ﴿وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِۚ ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡوَعِيدِ﴾ أي: نفخة البعث.
ثم قال سبحانه وتعالى: ﴿وَجَآءَتۡ كُلُّ نَفۡسٖ مَّعَهَا سَآئِقٞ وَشَهِيدٞ﴾ [ق: 21] إذا سُيِّروا من قبورهم إلى المحشر، جاء كل إنسان معه سائق وشهيد من الملائكة:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (6527)، ومسلم رقم (2859)