سائق يسوقه إلى المحشر،
وشهيد عليه بأعماله. وهما اللذان كانا يكتبان عليه أعماله في الدنيا.
فتَصَوَّرْ
هذا إن كنتَ تريد لنفسك النجاة، ولا تغامر في الأمور، ولا تنسَ هذا الموقف وهذا
اليوم، ولا تقل: إنه بعيد وأمامي فرصة.
فالله
عز وجل يُذكِّرنا بهذا المشهد العظيم، فيقول: ﴿لَّقَدۡ كُنتَ
فِي غَفۡلَةٖ مِّنۡ هَٰذَا﴾
[ق: 22] لقد كنت أيها الإنسان في غفلة من هذا، لا تتصور هذا المشهد وهذه الأحداث
العظام التي تنتظرك؛ ولذلك تغامر في حياتك، وتُضيع وقتك في اللهو واللعب والغفلة.
قال
سبحانه وتعالى: ﴿فَكَشَفۡنَا عَنكَ غِطَآءَكَ﴾
زال عنك هذا الأمل، وزال عنك هذا الاستبعاد الذي كان معك في الدنيا، الذي غطى على
عقلك، فلم تتذكر هذا الموقف.
﴿فَبَصَرُكَ ٱلۡيَوۡمَ
حَدِيدٞ﴾ أي: حاد، تنظر ببصر حاد،
بصر قوي، ترى ما عندك وما أمامك من الأهوال. أما في الدنيا فعلى بصرك غشاوة. وأما
في الآخرة فإن البصر يكون حادًّا، يرى هذه الأهوال التي أمامه. تشاهد هذه الأهوال
التي نَسِيتها وغَفَلت عنها، فلا تستطيع أن تستدرك.
قوله
تعالى: ﴿وَقَالَ
قَرِينُهُۥ﴾ الذي كان معه من الملائكة،
الذي سبق ذكره عن اليمين وعن الشمال، وهم الملائكة الحَفَظة الذين كانوا يقارنونه
في الدنيا، عن اليمين وعن الشمال.
﴿هَٰذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ﴾أي: ما أعددتُه على هذا الإنسان وما كتبتُه عليه، وقد أحضرتُه الآن. ﴿عَتِيدٌ﴾، أي: مُعَد ومُثْبَت، وهذه صحيفته التي ملأها بأفعاله وأقواله في الدنيا، ها هي!! يأتي بها المَلَك يوم القيامة، وهذه فضيحة أخرى - والعياذ بالله - أن يأتي المَلَك بهذه الصحائف