فهي
دار الأمان من كل محذور، ليس فيها خوف أبدًا، لا يُخْرَج منها، ما يأتي ظالم
ويُخرجه منها مثل ما في الدنيا، ما أحد يتعرض له، آمن في الجنة.
بخلاف
الدنيا، فهي دار الخوف، ودار البغي والعدوان، ولو لم يكن فيها إلاَّ الموت لكفى.
الجنة ليس فيها موت، وليس فيها مرض، وليس فيها هَرَم، وليس فيها هم ولا غم، وليس
فيها ما يُكدِّر أبدًا، وليس فيها أحد يضايقك، أهل الجنة إخوان ﴿عَلَىٰ سُرُرٖ
مُّتَقَٰبِلِينَ﴾، [الحجر:
47] قال عز وجل: ﴿وَنَزَعۡنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنۡ غِلٍّ إِخۡوَٰنًا
عَلَىٰ سُرُرٖ مُّتَقَٰبِلِينَ﴾
[الحجر: 47] ليس بينهم شحناء ولا بغضاء، ولا عداوات ولا ثارات، بل بينهم المحبة
والأخوة الصافية، ليس فيها شحناء ولا حسد، كُلٌّ مقتنع بما هو فيه.
الدنيا
فيها مشاحنات، وفيها كل واحد يرى أنه ناقص، ويحتاج إلى زيادة. أما في الجنة فكُلٌّ
راضٍ بما هو فيه، ولا يرى أن أحدًا أفضل منه، فهو قرير العين بما هو فيه.
ليس
فيها مشاحنة، وليس فيها مغالبة، وليس فيها عدوان، وليس فيها ظلم، وليس فيها ما
يكدر.
ولهذا
قال: ﴿بِسَلَٰمٍ﴾ سالمين من كل آفة. وفي الآية الأخرى: ﴿ٱدۡخُلُوهَا
بِسَلَٰمٍ ءَامِنِينَ﴾ [الحجر:
46]، آمنين من كل مكروه.
ثم
قال عز وجل: ﴿ذَٰلِكَ يَوۡمُ
ٱلۡخُلُودِ﴾ [ق: 34] إشارة إلى يوم
القيامة، وإلى دخول الجنة، ﴿ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡخُلُودِ﴾
الخلود: يعني البقاء الذي لا زوال له.
بخلاف الدنيا، فإنها وإن تزينت لك وازدهرت لك وفَرِحتَ، فإنها على سبيل الزوال!! فالشباب يعقبه الهَرَم، والصحة يعقبها المرض، والسرور يعقبه الهم والحزن. لا يستمر شيء في الدنيا.