هل
من أحد ليس له قلب؟ كل الناس لهم قلوب، ولكن المراد: القلب الذي يَعقل. أما القلب
الذي لا يعقل فهذا لا ينفع صاحبه شيئًا، قال سبحانه وتعالى: ﴿لَهُمۡ قُلُوبٞ
لَّا يَفۡقَهُونَ بِهَا وَلَهُمۡ أَعۡيُنٞ لَّا يُبۡصِرُونَ بِهَا وَلَهُمۡ
ءَاذَانٞ لَّا يَسۡمَعُونَ بِهَآۚ﴾
[الأعراف: 179]، لا يبصرون بصر اعتبار، ولا يستمعون استماعًا يفيدهم، وإن كانوا
يسمعون وليسوا صُمًّا.
لكن
المقصود: السمع الذي ينفع، والقلب الذي يَعقل، والأُذن التي تسمع
سماعًا ينفع صاحبها. أما مجرد الجوارح والأعضاء، فإنها أدوات فقط حَسَب ما
تُستعمل، إن استُعملت في الخير أفادت صاحبها، وإن استُعملت في الشر ضرت صاحبها.
ولهذا
قال سبحانه وتعالى: ﴿أَفَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَتَكُونَ لَهُمۡ قُلُوبٞ
يَعۡقِلُونَ بِهَآ أَوۡ ءَاذَانٞ يَسۡمَعُونَ بِهَاۖ فَإِنَّهَا لَا تَعۡمَى ٱلۡأَبۡصَٰرُ
وَلَٰكِن تَعۡمَى ٱلۡقُلُوبُ ٱلَّتِي فِي ٱلصُّدُورِ﴾
[الحج: 46]، فالعمى ليس عمى البصر، العمى عمى البصيرة - والعياذ بالله -، والقلب:
القلب الذي يعقل. أما القلب الذي لا يعقل، فهذا لا فرق بينه وبين قلب البهيمة، قال
سبحانه وتعالى: ﴿إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ
سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 44]، فأنت لو قلت
لواحد من بني آدم، أو من الملوك: «أنت مثل البهيمة»، ماذا يَصنع فيك؟ والله عز وجل
يقول: إنهم أحط من البهائم ﴿إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ
سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 44].
ثم
قال سبحانه وتعالى: ﴿أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ﴾ أي: استمع لكلام الله، وكلام رسول الله، ولم يُعْرِض،
لا كما كانوا يقولون: ﴿لَا تَسۡمَعُواْ لِهَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ وَٱلۡغَوۡاْ
فِيهِ﴾ [فصلت: 26].
فالواجب على العاقل أن يستمع لما يقال: فإن وَجَد خيرًا أخذه، وإن وَجَد شرًّا تركه. والقرآن كله خير، والمواعظ كلها خير، والتذكير كله خير.