×
ما تيسر وتحصل من دروس القرآن في حزب المفصل الجزء الأول

ولا مانع من إرادة المعنيين - والله أعلم -: غير بعيد في المكان، وغير بعيد الحصول والوقوع؛ لأن كل ما هو آتٍ فهو قريب.

ثم قال سبحانه وتعالى للمتقين: ﴿هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ، هذا مصداق ما وعدناكم في الدنيا، وصَدَّقتم به، وعَمِلتم من أجله، الآن ها هو قريب منكم، تحقق وعد الله لكم.

﴿هَٰذَا مَا تُوعَدُونَ؛ لأن الله سبحانه وتعالى لا يخلف وعده.

إذا وَعَد وعدًا فإنه لا يخلفه سبحانه وتعالى. أما الوعيد فإن الله قد يوقعه، وقد يعفو ولا يوقعه. أما الوعد فإن الله لا يخلفه، قال سبحانه وتعالى: ﴿وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ [الروم: 6].

قال الشاعر:

وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ

 

لَمُخْلِفُ إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي

هذا هو الفرق بين الوعد والوعيد.

﴿لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٖأي: ليس خاصًّا بهذه الطائفة التي يخاطبها الله يوم القيامة، بل هذا عام لكل أواب.

والأواب: مِن الأَوْب وهو الرجوع، يقال: آبَ، إذا رَجَع ([1])، وأَوَّاب: أي: رَجَّاع عن الذنوب إلى التوبة والاستغفار. فالإنسان خَطَّاء؛ كما في الحديث عَنْ أَنَسٍ، رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» ([2]).


الشرح

([1])  انظر: مادة (أ و ب) في مقاييس اللغة (1/ 153)، ولسان العرب (1/ 218)، وتاج العروس ((2/ 33- 34).

([2])  أخرجه: الترمذي رقم (2499)، وابن ماجه رقم (3251)، والدارمي رقم (2769)، وأحمد رقم (13049).