دَعۡوَةٗ مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ إِذَآ أَنتُمۡ تَخۡرُجُونَ﴾ [الروم: 25]، دعوة واحدة، ليس فيها تَكرار، يَسمعها كل
مَن تحت التراب، فيَخرجون بأمر الله سبحانه وتعالى.
قال
سبحانه وتعالى: ﴿ذَٰلِكَ يَوۡمُ ٱلۡخُرُوجِ﴾
[ق: 42] من القبور. وذلك أن الله يُنْبِت الأجسام من القبور. حتى إذا تكاملت
خِلْقتها وليس فيها أرواح، يأمر إسرافيل فينفخ في الصور نفخة البعث، فتطير كل رُوح
إلى جسدها وتَسري فيه، فتعود إليهم الحياة. ثم يؤمرون بالمسير إلى المحشر، قال
سبحانه وتعالى: ﴿يَوۡمَ يَخۡرُجُونَ مِنَ ٱلۡأَجۡدَاثِ﴾ أي: من القبور، ﴿سِرَاعٗا
كَأَنَّهُمۡ إِلَىٰ نُصُبٖ﴾
[المعارج: 43] أي: عَلَم، ﴿يُوفِضُونَ﴾
أي: يُسْرِعون، لا يتأخر منهم أحد.
﴿ذَٰلِكَ يَوۡمُ
ٱلۡخُرُوجِ﴾ [المعارج: 43] أي: البعث من
القبور، لأنهم كانوا تحت التراب، ثم إذا ناداهم المنادي، ودعاهم الداعي خرجوا من
قبورهم، لا يتخلف منهم أحد.
قال
عز وجل: ﴿إِنَّا نَحۡنُ
نُحۡيِۦ وَنُمِيتُ وَإِلَيۡنَا ٱلۡمَصِيرُ﴾
[ق: 43] هذا رَدٌّ على المشركين، فالله عز وجل يحيي ويميت، أي: يُوجِد من العدم،
وهو البداية، ثم يميت الأحياء بعد حياتهم، ثم يبعثهم، أحياهم من العدم في بطون
أمهاتهم، ثم أحياهم بعد موتهم من قبورهم، ﴿قَالُواْ
رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ﴾ [غافر: 11] أي: مرتين، ﴿إِنَّا نَحۡنُ
نُحۡيِۦ وَنُمِيتُ وَإِلَيۡنَا ٱلۡمَصِيرُ﴾
[ق: 43].
فالإحياء والإماتة من اختصاص الله عز وجل، لا يَقدر عليهما غيره؛ ولهذا لما قال إبراهيم عليه السلام للنمرود: ﴿رَبِّيَ ٱلَّذِي يُحۡيِۦ وَيُمِيتُ﴾ [البقرة: 258]، أراد النمرود أن يكابر فقال: ﴿قَالَ أَنَا۠ أُحۡيِۦ وَأُمِيتُۖ﴾ أي: إنه يأتي بالشخص يستحق القتل، فيصفح عنه، فيكون أحياه! ويَقتل من أراد ويميته! هذا الإحياء والإماتة بزعمه! فإبراهيم عليه السلام عَدَل عن هذا الهَذَيان، وجاء له بشيء لا يمكن أن يغالط فيه، فقال: ﴿فَإِنَّ ٱللَّهَ