فكما
أن الخَلْق يسير عليه، فكذلك الحشر، جَمْع الأولين والآخِرين يسير على الله سبحانه
وتعالى، لا يعجزه شيء، ولا مهرب لهم من الله سبحانه وتعالى.
·
ثم قال عز وجل: ﴿نَّحۡنُ
أَعۡلَمُ بِمَا يَقُولُونَۖ﴾
وهذا أيضًا تثبيت للنبي صلى الله عليه وسلم:
أولاً:
أَمَره بالصبر.
ثانيًا:
أَمَره بالعبادة، أن يقابل هذه المشاق بالعبادة والصلاة والذِّكر.
ثالثًا:
أن يترقب الوعد الذي لا يتخلف، وهو البعث، وهو قريب.
رابعًا:
أن يَعلم أن الله يَعلم ما يقولون، ولا يخفى عليه ما يقولونه في حقه صلى الله عليه
وسلم، لكنه يمهلهم لحكمة، إما لأن يتوبوا، وإما لأن يَزيدوا إثمًا.
·
فهو يمهلهم لحكمتين:
الأولى:
إما أن يتوب مَن يتوب منهم ويرجع إلى الله. وهذا يحصل كثيرًا.
الثانية:
وإما أن يمهلهم لأجل أن يزدادوا إثمًا، فيكون ذلك أشد في
تعذيبهم.
ثم
قال عز وجل: ﴿وَمَآ أَنتَ
عَلَيۡهِم بِجَبَّارٖۖ﴾
[ق: 45] أي: لا تستطيع إجبارهم على الإيمان؛ فهذا بيد الله سبحانه وتعالى. أما أنت
فعليك البلاغ. وأما قَبول الهداية فهو من الله عز وجل. قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّكَ لَا
تَهۡدِي مَنۡ أَحۡبَبۡتَ وَلَٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهۡدِي مَن يَشَآءُۚ وَهُوَ أَعۡلَمُ
بِٱلۡمُهۡتَدِينَ﴾ [القصص:
56]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿لَّسۡتَ عَلَيۡهِم بِمُصَيۡطِرٍ﴾
[الغاشية: 22].
فلا تملك أن تُجبرهم على قَبول الدعوة وعلى الهداية، هذا ليس بيدك ولست مكلفًا به، وإنما هو بيد الله سبحانه وتعالى. أما أنت فعليك البلاغ وإقامة الحُجة، قال سبحانه وتعالى: ﴿إِنۡ عَلَيۡكَ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ﴾ [الشورى: 48]، وقال سبحانه وتعالى: